الإسلامي والأيديولوجي في شعر المرأة المصرية

قد أسهمت المرأة الشاعرة المصرية منذ فجر الإسلام فى الدفاع عنه ونشر مبادئه وقيمه ، وظلت تستمد من هذه القيم والمبادئ زادا قوياً تدافع به عن قضايا دينها وأمتها. ولا شك فى أن الشعر الإسلامي هو استجابة صادقة للعاطفة الدينية التى تحيا دائما في النفس الإنسانية الشفافة الرقيقة  وتنضم المرأة المصرية، بنبضاتها الشعرية الصادقة وريشتها الرقيقة إلى صفوف المجاهدين بالكلمة من أجل العقيدة وإعلاء كلمة الله . ولقد قام الشعر الإسلامي في عصرنا الحديث بدور فعال ومؤثر في مواجهة رياح التغريب التي أرادت أن تضعف هويتنا الإسلامية.

جليلة رضا

ولدت جليلة رضا في الإسكندرية في الحادي والثلاثين من ديسمبر سنة 1915. ولدت لأب مصري وأم تركية، وكانت أصغر أخواتها. وكان والدها يعمل في سلك المحاكم الأهلية وينتقل بحكم عمله بين المدن والقرى في صعيد مصر، فبدأت تعليمها الأولي في مدرسة الفشن الأولية. وعندما رجعت الأسرة إلى الإسكندرية لحقت بمدرسة العروة الوثقى الابتدائية، ثم انتقلت إلى القاهرة فلحقت بالقسم الداخلي بمدرسة الراعي الصالح الفرنسية بشبرا. ومن هنا كانت فرصتها لإتقان اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة العربية، وتوغلت في قراءة الأدب والشعر الفرنسيين فظهرت ميولها الأدبية.

تزوجت رجلا يعمل في سلك القضاء وأنجبت منه ابنة وابنا أصيب بمرض عقلي لازمه طول حياته فأضفى ذلك على شعرها الحزن والأسى. وبعد أن انفصلت عنه تزوجت محمد السوادي صاحب مجلة السوادي ولكن المنية عاجلته مما عمق حزنها، وقالت في المناسبتين شعرا.

توجهت بكل مشاعرها إلى إنتاج الشعر العربي وكانت قد بدأت بنظم مجموعة من الأغاني، وحدث أن جمعتها الصدف في مرضها سنة 1951 بطبيبها الشاعر د. إبراهيم ناجي واطلع على شيء من أشعارها فتهلل وقال وهو يكاد يقفز فرحا: هذا شعر ناجي الصغير! ومن هنا كانت بدايتها ورحلتها في عالم الشعر. وساعد على ذيوع شهرتها التقاؤها بالشاعرمحمد الأسمر فنشر لها عددا من قصائدها في صحيفة الزمان.

في سنة 1952 رحل د.إبراهيم ناجي عن الحياة فطلب منها شقيقه الأكبر محمد ناجي أن تلقي قصيدة في رثائه في رابطة الأدب الحديث. وهكذا غشيت المحافل الأدبية لتسهم فيها بأشعارها مما لفت إليها أنظار كبار النقاد.

وقال عنها مصطفى السحرتي: “إنها مفخرة بين لداتها من شاعرات المشرق العربي”، وقال الأستاذ علي الجندي “إنها أشعر شواعر الإقليم الجنوبي، ويقصد بالإقليم الجنوبي مصر حيث إن هذا الحكم صدر أيام أن كانت الوحدة قائمة بين مصر وسوريا “كما قرر الأستاذ كمال النجمي: “إن الشعر المصري المعاصر كانت بدايته عائشة التيمورية وقد بلغ غايته عند جليلة رضا “وقال الأستاذ أنيس منصور” لقد تأخرت جليلة في نشر اعترافاتها كما تأخرت كثيراً في تقديرها حق قدرها فهي بكل المقاييس كبرى شاعرات العرب . هذا وقد تأثرت جليلة بالثقافة الفرنسية خاصة،

ومن أهم من تأثرت بهم: فكتور هوجو، لامارتين، رامبو، بودلير. وقد ترجمت كثيرا من القصائد الفرنسية إلى العربية.

ومن دواوينها الشعرية هي:اللحن الباكي- 1954، اللحن الثائر- 1956 ،الأجنحة البيضاء- 1959، أنا والليل- 1961، صلاة إلى الكلمة- 1975، العودة إلى المحارة- 1982. ولها مسرحية شعرية بعنوان “خدش في الجرة” – 1969، ولها دراسة بعنوان “وقفة مع الشعر والشعراء” تقع في جزأين .

الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت

اشتهرت فاطمة ناعوت كشاعرة ومترجمة وناقدة، فقد أصدرت حتى الآن أكثرمن عشر مطبوعات في تلك المجالات، كما مثلت مصر في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الثقافية في مصر والعالم العربي والعالم.. نشرت قصائدها وترجماتها في العديد من الصحف والمجلات العربية والعالمية، وترجمت قصائدها إلى العديد من اللغات الأجنبية.. فاز مخطوط ديوانها الخامس (علبة صمغ) بالجائزة الأولى في مسابقة الشعر العربي في هونغ كونغ عام 2006 وصدر بالانكليزية والصينية.. مثلت مصر في مهرجان الشعر العالمي في روتردام ومهرجان المتنبي العالمي بزيوريخ عام 2007..

‏في حوار أجراه زيد قطريب- لتشرين- صحيفة يومية سياسية تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع –دمشق ، سوريا تبين الشاعرة، ربما كان جبران هو الذي فتح وعيي على هذا العالم الساحر حتى كنت في العاشرة من عمري أتصوره وقد نبتت في كتفيه أجنحة فيطير في السماء الى السماء ويعود إلينا في الصباح.. لم أستطع أن أتصور أن من يكتب (النبي) وهذه القصائد بشر مثلنا.

وتجيب لسؤال زيد قطر عن تركيزها دائما على مصرية أي شيء حتى في الإبداع؟ ‏ “لا تظنن من يتكلم عن مركزية مصر سواء أكان شاعرا أم فنانا أم مواطنا عاديا ينطلق من شوفينية أو نرجسية قومية وطنية ربما العكس أدعوك ان تشفق علينا نحن المصريين حين نفعل ذلك.. شخصيا أفعل ذلك أحيانا من باب الحيلة الذهنية كي لا أبكي هل تطلب مني أن أحدثك عن أمجاد الراهن من تطبيع مع اسرائيل واغلاق تأشيرات السفر أمام العراقي والفلسطيني في مقابل فتحها أمام الاسرائيلي والأميركي؟ هل تريد ان أحدثك عن انحطاط السياسي والثقافي والفني والفكري والمد السلفي الموغل الذي ينخر في عظام مصر الآن؟ هل تريد أن أحدثك عن القنوات الفضائية المسفة التافهة التي تعمل بدأب على تفريغ عقول المصريين واخماد طاقاتهم كي لا يقوموا بثورة؟ هل أحدثك عن استكانة الطليعة والنخبة وتشتيت قواهم ومقاتلة بعضهم البعض بدلا من تصويب النار على العدو الحقيقي للنهضوية؟ لا استطيع ان أحدثك عن كل ذلك لاسيما ولدي الحل الأسهل وهو الكلام عن أمجاد الماضي الحقيقية من حضارة وفكر ونهضة وحرية.. الخ. ‏وكما قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي: نحن أمة تنفق من ماضيها على حاضرها!” .. ‏

و قالت: الوضع مزري، المرأة كونها مرأة فقط، فهى متهمة بأنها مركز غواية متنقل، متهة بأنها السبب في كل خطايا الرجل، هذا لكونها امرأة فقط، فأن تكون امرأة شاعرة فتلك ثالثة الأثاسي، لأن المرأة في عرف المجتمعات العربية الظلامية يجب ألا تتكلم أصلا، فما بالك لو تكلمت وقالت شعرا، الذي يعتمد على المجاز والخيال والبلاغة فتلك أمور غير مقبولة في المجتمعات العربية ولا يقبلها الرجل الرجعي المصدوع الروح

سارة عابدين

أما الشاعرة المصرية سارة عابدين، فقالت: الوضع في العالم العربي بشكل عام متأزم يشبه كرة تتدحرج على لهب كبير، لا أحد يهتم بالشعر في أجواء الحروب العسكرية والاقتصادية، ليست المرأة فقط، لكن المبدع أو الفنان بشكل عام أصبح يعاني من القمع في هذا الوطن المختل، يخيل للبعض أن المرأة هي الجزء الأضعف، ربما كانت بالفعل كذلك في بعض الأوقات لكن ليس طوال الوقت أظن أن المرأة تحاول أن تتحرر وتصبح أقوى بشكل حقيقي الآن لتكون قادرة على خوض معركتها الشخصية، حتى أن المرأة أصبحت أكثر عنفا وصدامية.
وأضافت سارة: بالنسبة للمرأة الشاعرة هي تحارب في معركتين، الأولى كونها امرأة في مجتمع لا ينظر إليها إلا باعتبارها جسدا بدون عقل أغلب الأوقات، والثانية معركتها الخاصة كشاعرة أكثر حساسية من الشخص العادي، شاعرة في مجتمع كبير يعتقل الكلمة ولا يتقبل الفكرة المخالفة وعندما تخرج الكلمة المخالفة من امرأة تصبح الأمور أكثر تعقيدا.
المرأة الشاعرة تكافح لتكتب لتعيش بالطريقة التي تناسبها والتي ربما تختلف مع ما اعتاد عليه المجتمع ولا يتوقف من حولها عن تثبيطها ومحاولات قمعها أو إقناعها بعدم جدوى الكتابة والغريب أن يحدث هذا من سيدات أخريات لا يفضلن أن تعيش أخرى أو تفكر بطريقة مخالفة لما يعتقدن.

الوحدة الوطنية في أغنية الشاعرة نور عبدالله

شاعرة من نوع خاص ، كلماتها تصل إلى القلب بسرعة البرق، معروف عنها أنها تدخل في الموضوع بخفة دم وتلقائية ، كتبت قصائد سياسية ساخرة ،

وتقول حينما تووضح آراءها عن  المرأة المصرية في 2014،  المرأة في 2014 تؤكد بعد ثورتين أنها عنصر مهم جدا في حياتنا كمصريين ، وأكثر ما يكرم المرأة من وجهة نظري هو إتباع أسس الدين ، لأنه التكريم الحقيقي لها ، أعطي للمرأة كامل حقوقها ، ووصي عليها الرسول عليه الصلاة والسلام ” رفقا بالقوارير” و” أوصيكم بالنساء خيرا ” ، ونحن كمصريين بشكل عام ،والنساء بشكل خاص يحملن مكانة قيمة ومكانة كبيرة ،ولكن يجب أن يرانا العالم بشكل أفضل .

ولو لم تكن مرجعية الحقوق مستمدة من الدين لن تربح المرأة ولن تنال حقوقها، الدين منح للمرأة الذمة المالية ولم يمنعها عن العمل أو مشاركة الرجل في جميع الأعمال ،فلماذا لا تستمد هذه القوة من حقوقها في الإسلام.

المرأة في مصر لا أحد يستطيع أن ينكر دورها خلال الثورة ، نزلت الميدان في أسوا ظروف الخطر ، واستطاعت أن تقتنص الحق مرتين ، النساء ملئن الشوارع ، ومن يدقق في معظم المسيرات سيكتشف أن الغالبة العظمي للسيدات ، وهذا لا يقلل من شأن الرجل الذي كان يحمي المرأة بدوره خلال معظم الأحداث السياسية ، وداعم لها.

وهناك عندي أقدم أغنية جديدة لمصر عن الوحدة الوطنية بتناول مختلف من كلماتي وغناء شادي عبدالسلام والحان أحمد العراقي ومهندس الصوت محمد جودة ، اسمها صاحبي وحبيبي بدأت تعرض بالفعل على القنوات الفضائية وقريبا على الفضائية المصرية .

هذه الأغنية كتبتها من قلبي في ظل حالة معايشة وحب كبيرة ، كوني من شبرا واعرف ما معني الوحدة الحقيقية بين المسلم والمسيحي تقول كلمات الأغنية :

ياعم دا صحبي وحبيبي وجاري وابن حتتنا

عياله عيال وعيالي بتحضنهم حيطان بيتنا

في ظهري وأيوة أنا في ظهره

قاعدين من يجي ناحيتنا

يارب جمعنا ومتفرقش لمتنا

أنا اللي جنبه في الصورة اللي فى الزفة

مربياني أمه وإحنا في اللفة

عجلتي خدها لفة واخدتها لفة

حيطان بيته في حيطان بيتي بتدفى وأنا وهو حالفين نعدل الدفة

عبرت الشاعرة نور عبدالله، عن حال الأمة المصرية، بطريقتها الخاصة، حيث نظمت نشيدا وطنيا جديدا، حاكت به النشيد الوطني المعروف “بلادي، بلادي، بلادي.. لك حبي وفؤادي”. كلمات النشيد الوطني الساخر ألقته الشاعرة نور عبد الله، خلال حديثها للإعلامية لميس الحديدي، عبر برنامج “هنا العاصمة” على فضائية “سي بي سي”. وكلماته هي: بلادي، بلادي، بلادي.. كل واحد فينا في وادي بلادي، بلادي، بهاتي.. صوتي راح واللي قاتلني هادي مصر ماتلك كام شهيد.. لأجل ميشفوناش عبيد ماتوا لكن إيه الجديد.. واللي عاش بالذل راضي مصر فالتين الزمام.. اللي دينهم بالكلام حكموا والمطلوب أنام.. أنهي دين يقتل ولادي مصر حكموا الكدابين.. باسم رب العالمين دين إيه يابني وشرع مين.. اللي حولنا لأعادي مصر شعبك نام وقام.. لبسوه دستور لجام والحلال قلبوه حرام.. للي عقله في الزبادي يا بلادي جيكا مات.. والحسيني والولاد كلهم لبسوا السواد.. ينتهي امتى حدادي مصر واقف في الميدان.. للي باعك واللي خان لا الحسيني دموا هان .. لو هحصل جيكا عادي بلادي، بلادي، بلادي.. كل واحد فينا في وادي بلادي، بلادي، بهاتي.. صوتي راح واللي قاتلني هادي.

الجوانب الصوفية والأيديولوجيا في شعر جميلة العلايلي

جميلة العلايلي (20 مارس 1907 – 11 أبريل 1991)، أديبة وشاعرة مصرية وأبولونية – شاعرة مجلة أبولو – بداياتها الأدبية والشعرية سابقة على “أبولو” ويرجع الفضل فيها إلى الأديبة مي زيادة. استقبل شعر جميلة العلايلى استقبالا طيبا من الدكتور أحمد زكي أبو شادي – رائد أبولو – والدكتور إبراهيم ناجي وعلي الجندي والدكتور زكي مبارك والدكتور محمد مندور وصالح جودت وغيرهم من النقاد، فشجعها ذلك على الانتقال من المنصورة إلى القاهرة للإقامة الدائمة فيها بعد أن كانت زياراتها خاطفة ومحدودة وتقتصر على غشيان دار الأوبرا الملكية.

إن الشاعرة جميلة العلايلى لها جملة من الدواوين المنشورة تكتب لها منزلة فريدة في حياة الشعرية المعاصرة، كما أن مقالاتها الشهرية في مجلتها الأهداف (1949 / 1975) التي تهدف فيها إلى الإصلاح والتذكير بالقيم والمثل وتناول قضايا الأخلاق والآداب ومنزلة الامومة ولها أيضا عديد من الروايات الطويلة التي يمتزج فيها السرد القصصى مع الشعر.

وقد حصل الباحث / أحمد محمد الدماطي على درجة الماجستير بتقدير ممتاز في يناير 2008م بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، عن رسالته في دراسة حياة “جميلة” وشعرها، بعنوان: (جميلة العلايلي، حياتها وشعرها: دراسة فنية)،

قالت عن نفسها: “مثلي الأعلى منذ وعيت في الأدب أديبة الشرق النابغة مي زيادة. مثلي الأعلى في كفاحي الاجتماعي والوطني زعيمة النهضة النسائية هدى هانم شعراوى. مثلي الأعلى في الشعر رائد الشعر الحديث ومؤسس جماعة أبولو الدكتور أحمد زكي أبو شادي. ورغم تأثري بهؤلاء فقد كان لي أسلوبي الخاص في كل كفاح قمت به بإلهام من الله.”

نماذج من أشعارها:

من قصيدتها (حب المحال)

سلني مليك عواطفي المحبوبـا..

سلني عن الحب المذيب قلوبا

ب ” المحال ” أصاب معقل مهجتي..

عرفت فيه الصفو والتعذيبا

يا حسرة تفني منــاهل رغبــتي..                            يا نزعة تحيي الفؤاد طروبا

إنِى أراه مـع الظلام كأنــه..                                        طيف يلوح مع الحياة غريبــا

ويطوف بي شجو الحنيـنِ كأنــني..                                              أفنيت عمر المغرمين نحيبـا

لو أن أحزاني تطيع مدامعــي..                               لرأيت دمعي في القريض صبيبا

لو أن بحر الحب يأخذ مسرفا..                          ماء المدامعِ ما شكوت سكوبـا

لو أن ذاتك ما أروم وأبْتغـي..                                 مِن كل قلب ما رجوْت حَبيبــا

لكنني أهوى الفنون لأنهــا..                                     تحْيا بمشكاة الخلود لهيبـا

وأظل أفتن بالمحال لأنه..                                         روح الكمال فهل عشقت عجيبا

من قصيدتها (الليل)

بالله، يا ليل لا تسمع لأتراحـي..                           فكم حنوت على مضنى وملتـاح

باللهِ، قل لي: هل عيناك قد فتحـت..             على جريح تمنى كف جــراح

أشكو لنفسي من هـم يؤرقني..                             والناس في ليلهم هاموا بأفـراحِ

هذا يسامر حسناء على حِـدة..                            ما بين ناي، ومزمار، وأقـداحِ

خال من الهَمِ لا يشكو لها أبــدا..                                                إلا الصبابة في جهر وإفصـاحِ

وذاك في نومه قد غط تحسَبــه..                                                من الصباح على وعد لـصداحِ

وأنت، يا ليل، ترعاني على حِدة..                                               ما أطول الليلَ للمحرومِ يا صاحِ

أشكو إلى الله قلبا صاحيا أبـدا..                          يا ليته مثل غيري ليس بالصاحـي

وتتحدث الشاعرة عن الطبيعة والحب، والشكوى والألم، والتأمل الفلسفي،والصوفي الإيماني والشعر الديني، ثم الوطني والاجتماعي، وشعر الرثاء.

وجميلة العلايلي واحدة من الأصوات الشعرية الأصيلة في جماعة أبولو الشعرية التي أسسها أبو شادي عام‏1932،‏ نشرت لها مجلة أبولو عددا كبيرا من قصائدها وقد صدر ديوانها الأول صدي أحلامي عام‏1936،‏ وبه قصيدتان من الشعر المنثور‏.‏ واحتفت به الحياة الأدبية‏،‏ فكتبت عنه الأديبة السورية وداد سكاكيني باعتباره أول ديوان شعري تنشره المرأة العربية في نهضتنا الحديثة‏،‏ متجاوزة شعر البدايات لعائشة التيمورية وملك حفني ناصف‏ (‏باحثة البادية‏)،‏

كما أشاد به عزيز أباظة ومحمد عبد القادر حمزة ومحمود البدوي‏،‏ وزكي مبارك الذي قامت بينه وبين الشاعرة عاطفة عميقة كان من آثارها كثير من قصائده العاطفية وكتابه مجنون سعاد الذي يضم عددا من الرسائل المعبرة عن أشواقه وهيامه‏.‏ ثم أصدرت ديوانها الثاني صدي إيماني عام ‏1976 (‏بعد أربعين عاما من الديوان الأول‏)‏ وجمعت فيه شعرها الصوفي والايماني‏.‏ أما ديوانها الثالث نبضات شاعرة فكان مقررا له أن يصدر في عام ‏1951‏ وكتب مقدمته أبو شادي لكنه تأخر ثلاثين عاما فلم يصدر إلا في عام‏ 1981.‏ ويبدو أن رحيل والدة الشاعرة ثم رحيل زوجها وبعض إخوتها وأصفيائها حال بينها وبين إصدار هذا الديوان‏،‏ لانغماسها في حال من الأسي والانطواء والعزلة‏.‏ ويبقي للشاعرة بعد هذه الدواوين الثلاثة ديوانان مخطوطان هما همسات عابدة وآخر المطاف‏.‏

وكانت جميلة العلايلي صاحبة صالون أدبي يؤمه عدد كبير من الأدباء وشعراء زمانها ومفكريه‏..‏ وقد كانت تتردد علي صالون مي وتلتقي فيه بعدد من أعلام العصر‏:‏ لطفي السيد والعقاد وسلامة موسى والشيخ مصطفى عبدالرازق وغيرهم‏،‏ كما تعرفت في صالون هدى شعراوي علي أحمد محرم ومختار الوكيل‏.‏ وبتأثير من مي وهدي شعراوي أسست جميلة صالونها الأدبي في المنصورة ثم انتقلت به إلي القاهرة ـ بمساعدة زوجها الصحفي سيد ندا ـ وكان من رواده‏:‏ زكي مبارك وأنور الجندي وإبراهيم ناجي ومحمد عبد المنعم خفاجي وعبد اللطيف السحرتي وعبد العزيز عتيق وعلي الجندي وقاسم مظهر وغيرهم‏.‏

يضم العالم الشعري لجميلة العلايلي دوائر عديدة متداخلة‏،‏ تجمع بين شعر الحب والطبيعة والشكوي والتأمل والشعر الصوفي الايماني والوطني والاجتماعي‏،‏ علي غرار ماتميز به شعراء جماعة أبولو من أمثال ناجي والصيرفي والوكيل وصالح جودت ورامي ومخيمر وغيرهم‏.‏ ويظل طابع التأمل ـ في الكون وأسراره ـ طابعا عاما يكسو شعرها بغلالة من الحيرة والشجن والإحساس العميق بالأسر‏،‏ والرغبة في الانطلاق وتحطيم القيود‏،‏ كما تظل الصياغة القريبة من لغة الكلاسيكية الجديدة في كثير من قصائدها‏،‏ لتصبح جامعة ومازجة بين فضاءين شعريين‏:‏ كلاسيكي ورومانسي‏.‏

رحماك نفسي أجيبي ليوم تآلـي.. قد ضقت ذرعا بأعبائي وأثقالي

قد ضقت ذرعا بما ألقاه فانطفأت.. مشكاة خير هدت روحي لأفعالي

فمن أكون؟ وماشأني؟ ما أملي.. ولم قدمت لهذا العالم البــالي؟

ولم خلقت لهذا الكون وا أسفــي؟.. ولم ولدت؟ لماذا جاء بي آلــي

لكن ثني الدهر من سهمي وحاربـني.. فما أبالي وحسب القلب آمالـي‏

ثم تقول في وضوح :‏

أنا الأبية لا أبغي مهادنة.. إن الصراحة أقوالي وأفعالي

‏ القول أجمله ما كان أصدقـه.. وما أردت به تبديل أعمـالي

‏ولعل هذا الإطلاع على أشعار جميلة العلايلي تذكيرا بشاعرة كانت محور اهتمامات جيلها‏،‏ والمحيطين بها من الشعراء والأدباء‏،‏ وحفزا إلي قراءتها من جديد‏.

هدى درويش كروائية وشاعرة

هدى درويش روائية وشاعرة وإعلامية- تؤمن بالحرية والتغيير حالمة بالمستقبل … عاشقة للحياة … باحثة عن الحب و الحرية و الأمل – تتصف بالقوة والذكاء والجرأة والصراحة، نشأت في أسرة تربوية، والدها كان مدرسا للغة العربية وأمها ( سورية جزائرية) عملت باللغة الفرنسية وآدابها مما أكسبها تعدد الثقافات و زمام الأدب العربي و الفرنسى. أول أعمالها الأدبية باللغة العربية – ” رواية – آمال … حب يبحث عن وطن ” الذي تعالج فيه قصة شاعرة فلسطينية بين دروب السياسة و الجوسسة و المنفى. و قد أصدرت مؤخرا ديوان شعري بعنوان (لك وحدك).

وتبين ان الإعلام مرآة جريئة و أفضل وظيفة يمكن أن يتقلدها أديب أو مبدع … يعطيك الإعلام وجه آخر و تجربة أخرى و ملامح جديدة تساعدك على فلسفة الحرف و الحياة … عملت لدى الديار اللندنية و لدى جريدة وطن الصادرة بكاليفورنيا.

وتضيف: الكتابة النثرية تعبر عني أكثر و تزيدني وضوحا و جرأة و عطاء … الشعر يسعفني و يهمني لكن العمل الروائي في نظري هو أكثر ما يمكن أنْ أبدع فيه و هو أعمق بكثير .. لا حدود له خصوصا و أعمالي التي نشرت مترجمة الآن بفرنسا و كذا بلد فراكفوني أروبي … هي أول خطوة نحو العالمية في نظري…

وللشعر دور كبير في كلّ الأزمنة مهما اختلفت لكنه ذو شقاء كبير و وهن و هوان حين يكون عربيا في زمن الفولاذ و الحديد … الشعر متقزم و محدود و قلة قليلة هي التي تقرأ الآن … اي أنّ حتى ثقافة الكتاب تقزمت … هذه العولمة التي ينغمس فيها العالم مخذرا نائما متأمركا في كل مفاهيمه … هذه العولمة لا تخدم على الإطلاق الثقافة العربية بل حولتها الى ثقافة ما بين الثقافات … اهين الشعر و تساقطت ملامح الأمة … للشاعر العربي منذ الازل مكانة كبيرة و هو متعب بعروبته لكن الوضع أمّر حين يحكم على الشعر من باب الأنثى … تعاني المرأة الشاعرة كما المرأة العادية مختلف التربصات و المساومات و ذلك فقط لأنّ المجتمع رجعيّ متخلف ما زال ينظر للمرأة بمنظار بدائي و لو ادعى هذا المجتمع غير ذلك … للمرأة الشاعرة دور يشبه القديسات في رسالتهم و في حمل همّها دون تراجع و لا استسلام …

وفي ديوانها ” لك وحدك” كلّ القصائد تحكي و تعبر عن وجع الحب و الثورة و الوطن … تعبر عن الوجودية الإنسانية و الوحدة و الأصدقاء … و الخوف و التحدي …

فالشاعرة المصرية لها دور فعال في الشعر الإسلامي الأيديولوجي لتعلن عن وجودها ودفاعها عن دينها وأمتها، وقد ظل الشعر الإسلامي للشاعرة المصرية يخطو خطواته الأولى، ويواكب سنة التطور والتجديد، فيأتي نتاج الشاعرات المعاصرات نبعاً ثراً بأنسام الشعر الإسلامي فتتسع موضوعاته وقضاياه ، وفنونه ، وصوره ،ودلالته. ولا تنحصر إبداعات الشاعرة المصرية على القصائد المتفرقة فحسب، لكنها تفرد – أيضا- بعض الدواوين لشعرها الإسلامى.