فرنسا :إذا في “فوبيا البوركيني” ما هو أكثر من الدعايةالإعلامية؟

قرارات عنصرية ذات الطرفين تدق نواقيس الخطر!

تعيش فرنسا هذه الأيام حالة من الجدل لا يجب مطلقا التقليل من أهميتها وخطورتها في الوقت نفسه، لأنها تتعلق بمسألة الحريات العامة والشخصية، والتنوع الثقافي وحدوده،والتعايش بين الأديان والمذاهب وإتباعها،نحن نتحدث هنا عن قرار صدر عن عدة مدن وبلدات فرنسية يمنع إرتداء المسلمات “البوركيني” لباس البحر الشرعي المفضل بالنسبة إلى المسلمات الملتزمات بتعاليم دينهن الإسلامي الحنيف بزعم أن الشواطيء وكذلك جميع الأماكن العامة يتعين أن تكون خالية من المزاعم الدينية.وموقف رئيس الوزراء الفرنسي يصب في مصلحة الأحزاب والجماعات التي تطالب بمنع “البوركيني”، من منطلقات عنصرية سياسية معادية للاسلام والمسلمين، والأجانب بشكل عام، وفي بادء ذي بدئ الحكومة الفرنسية منعت النقاب، مثلما منعت الحجاب في المدارس والأماكن العامة، وربما تكون هناك وجهة نظر تلقى قبولا في أوساط الفرنسيين، وبعض المسلمين، تقول إن “النقاب” أو “البرقع″ ليس ملزما للمسلمات، كما أن كشف الوجه لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية والسنة والمحمدية، علاوة على كونه، أي “النقاب”، ربما يشكل خطرا أمنيا حسب رأي هؤلاء، لأنه يخفي الوجه،  ولكن منع “البوركيني” أو لباس السباحة الإسلامي يعتبر انتهاكا صارخا للحريات الشخصية التي نص عليها الدستور الفرنسي نفسه.ما هو الخطر الذي يمكن أن يترتب على السيدات الفرنسيات أو غيرهن، اللواتي يرتدين “المايوه”، من امرأة او فتاة مسلمة ترتدي “البوركيني”؟ وهل ارتداء هذا “الزي” يخدش الحياء العام مثلا، او يشكل مشروعا ارهابيا يهدد حياة السباحين؟

الفرنسيون والأوروبيون في المملكة العربية السعودية يسبحون بملابس البحر التي تخفي القليل من أجسادهم، في شواطيء شبه عامة، والسلطة تعرف ذلك ولم تحاول منعهم، ويفعلون الشيء نفسه في معظم الشواطيء والفنادق الخليجية في دول محافظة، ولم تقم حكومات هذه الدول بفرض “البوركيني” على النساء الأوروبيات وتمنع ارتداء “البكيني” التزاما بتعاليم الدين والشريعة، وهي دول تصنف في قوائم التخلف من قبل الحكومات الغربية، لأنها عربية مسلحة محافظة، هذه القرارات التي تعكس عقليات عنصرية تحت ستار الحفاظ على العلمانية، تشكل استفزازا لأكثر من ستة ملايين مواطن فرنسي مسلم في فرنسا، وتصب في مصلحة القلة المتطرفة، وخططها التي تعارض الاندماج والتعايش، وتحرض على أعمال العنف والإرهاب.

السلطات الفرنسية والبلدية منها خاصة، ترتكب خطأ كبيرا باقدامها على هذا الحظر، وفي مثل هذا التوقيت الذي تتصاعد فيه أعمال التحريض الأرهابية التي تُرجمت تفجيرات دموية حصدت أرواح الإبرياء من الفرنسيين والبلجيكيين والأوروبيين الآخرين .ولاربب أنه “استفزاز″ غبي ومدمر بكل المقاييس، ونعتقد أن هناك جهات تقف خلفه، لا تريد الاستقرار والأمن والتعايش والاندماج في الدول الأوروبية والغربية، وفرنسا على وجه التحديد

البوركيني والأسباب الداعية إلي الضجات والمشاغبات حوله

البوركيني مفردة هجينة، نصف عربية ونصف أعجمية، تجتمع فيها دلالتان على طرفي نقيض: البرقع، العربي المنشأ الذي ينتمي إلى قرون مضت، وكان محصوراً حتى وقت قريب في بيئات ومناطق معيّنة، ولم يكن ظاهرة عامة، ويُراد له أن يحجب المرأة عن عيون الآخرين، والبكيني، الأوروبي المنشأ، الذي ينتمي إلى عقود خلت، ويُراد به وله الاحتفاء بالجسد، كدليل على صعود المرأة في التاريخ، مع كل ما للأمر من علاقة بالمساواة، والحرية، وتغيّر قيم الجنسانية، والعلاقة بين الجنسين. والمهم أن مفردة البوركيني الهجينة أضيفت الآن إلى كل لغات الأرض، بما فيها العربية، ولا نعرف من ابتكرها.في مراحل تاريخية سبقت، وبعد تساؤل كهذا يمكن العودة إلى مشكلة البوركيني، وقد أصبحت في سياق أكبر، وأكثر دلالة. والبوركيني هو نوع من ملابس السباحة صممته الأسترالية اللبنانية الصل أهيدا زانيتي، وهو بدلة سباحة تغطي كامل جسم المرأة، ما عدا اليدين والقدمين، ولاقت رواجا كبيرا لدى المسلمات، وكانت مقدمة البرامج الاجتماعية البريطانية ذائعة الصيت نايجيلا لاوسون ظهرت في العام 2011 خلال قيامها بتسجيل أحد حلقات برنامج الخاص بإعداد وجبات الطعام والحلويات، ظهرت مرتدية البوركيني على أحد الشواطئ كي لا تتعرض بشرتها للإسمرار أو أي أضرار بسبب أشعة الشمس

وكان ليونل لوكا العضو في الجمعية الوطنية وعمدة مدينة فيلنوف-لوبت أصدر قرارا يحظر ارتداء البوركيني على شواطئ مدينته على غرار مدينة كان، وعقب اندلاع مشاجرة جماعية عنيفة بين شبان وعائلات من أصول مغاربية، من شمال أفريقيا، السبت 13 أغسطس 2016، جراء تصوير سائح لنساء يرتدين الـ”البوركيني” على أحد شواطئ بلدة سيسكو استغرقت عدة ساعات أسفرت عن حرق ثلاثة وإصابة خمسة أشخاص بينهم امرأة حامل وحدوث أضرار في الممتلكات وبعد قيام شرطة مكافحة الشغب لتهدئة الأوضاع، أقرت المدينة حظر لباس البحر الذي يغطي كامل الجسم بالنسبة للسيدات وكانت السلطات الفرنسية فرضت غرامات مالية على 3 فتيات، في 16 أغسطس الجاري، لارتدائهن “البوركيني” بولاية “كان” جنوبي البلاد، في وقت كثفت فيه إجراءات التفتيش في شواطئ المنطقة بعد حظر لباس البحر الإسلامي هناك، وصباح الجمعة الماضية، 19 أغسطس2016، أصدرت بلدية مدينة نيس الفرنسية الجمعة مرسوما يمنع بموجبه ارتداء البوركيني على شواطئ البلدة لتنضم إلى المدن الفرنسية أخرى حظرت ارتداء “البوركيني

وفي الحقيقة“البوركيني” ليس لباسا إسلاميا، وإنما لكل السيدات، من مختلف الأديان والأعراق، اللواتي لا يردن التعري على الشواطيء العامة أو الخاصة، لأسباب صحية او أخلاقية أخرى، مثل عدم الرغبة للتعرض للشمس، او السترة، وأشهر مقدمة لبرامج الطبخ في بريطانيا وأمريكا، السيدة نايجيلا لوسون، ويجد بالذكرفرنسا بإلغاء قرار منع “البوركيني” انقذت ماء وجهها، وردت الاعتبار لقيم العدالة والحريات، التي جاءت بها وانتصرت لها ثورتها، وأنصفت مواطنيها من معتنقي الديانة الإسلامية، واستجابت لأبسط حقوقهم، وقدمت وجها حضاريا إنسانيا لعلمانيتها، ونأمل أن تستمر على هذا الطريق حماية لصورتها، تثبيتا لـمنها، وحفاظا على استقرارها، والتعايش على ارضها.

مواقف فرنسا السلبية من  شعائر الإسلام :ما أشبه اليوم بالبارحة
من الخطأ ربط الحالة الفرنسية اليوم بالأعمال الإرهابية الضخمة التي حدثت مؤخرا وهزت المجتمع الفرنسي فقط، فالواقع أن القلق بدأ مبكرا منذ الثمانينات 1989م، وحينها لم توجد كثير من معطيات الحاضر اليوم، عندما أثيرت ضجة حول طرد ثلاث فتيات مغربيات من معهد في إحدى ضواحي باريس. ما بين رؤية تدعو لدمج المحجبات في المجتمع الفرنسي مقابل رؤية تدافع عن علمانية المدرسة وإبقاء الدين في المنزل، مرورا بالتسعينات، ثم ما حدث ما بين عام 2003 و2004م في عهد جاك شيراك وتصريحه بأن الحجاب رمز للانقسام الاجتماعي ثم موافقة البرلمان الفرنسي بالأغلبية، وصدور قانون يَمنع التلاميذ من إظهار الرموز الدينية العامة في المدارس العامة، ثم منع النقاب في الأماكن العامة 2010م.هذه التجاذبات في الداخل الفرنسي سبقت موضوع العنف بصورته الداعشية أو القاعدية، ولكن من المؤكد أن أعمال العنف قادرة على تسريع وتسهيل مهام الأصوات المتطرفة المقابلة، وتمرير حزمة من القرارات التي تقيد الجالية المسلمة أكثر من غيرها، وتضعف حضور الأصوات المعتدلة في الرأي العام الغربي.
مثل هذا القرار بهذا الانكشاف ليس بحاجة لأن نستعرض مدى تجاوزها في التدخل بالحرية الشخصية، فالشاطئ عادة هو فضاء جانبي موقت بزمن محدود يمارس فيه الفرد حريته بين المياه والرمال. لكن هذا يجب ألا يعتبر فرصة لممارسة الشحن العاطفي للجمهور كما يحدث منذ الثمانينات بدون تعقل ووعي لطبيعة الإشكاليات التي تواجه تطبيق أي فكرة مدنية أو دينية.

ما يجب أن يعيه البعض أن المشكلة الفرنسية ومثيلاتها تظهر خصوصيتها وشذوذها في إطار التجربة الغربية الأوسع، وليس مقارنة بما عند غيرها من عوالم أخرى، ولهذا ليس من الجيد للوعي الشعبي أن يستطرد البعض في بكائيات على الحرية وهو يستند على مفاهيم تعاني هي الأخرى من أزمات التطبيق داخل تجربتها وثقافتها، فهذه ليست مشكلة العلمانية فقط، فحتى في إطار إعلان دخولك تحت مظلة ثقافة أو دين معين ستواجه إشكالية درجات التطبيق وحدوده العملية، ولدينا عدة دول إسلامية وعربية، والإشكال ليس في أن تقارن بين قانون ونظام فرنسي بنظام بلد آخر، وإنما التحدي العملي يأتي لكل تجربة من داخل ثقافتها وخطابها عندما تريد التمييز بين الفضاء العام والخاص وحدود الحريات الشخصية، فمثلا حتى في مجتمعنا ومجتمعات مسلمة أخرى خلال أكثر من نصف قرن نجد تحولات كبرى في شكل الحجاب وتصميمه، فكل مجتمع يواجه المشكلة بدرجة مختلفة، وهي حدود الحرية في الفضاءات العامة، وحتى الرأي الفقهي.. ينزاح تدريجيا ويتعرض لمتغيرات كثيرة بالمواجهة والرفض أو السماح والتجاهل، أشير لهذه التحديات حتى لا ينزلق البعض إلى الكسل الذهني الضار بوعينا الحقيقي، والاندفاع خلف سهولة وجاذبية الصراخ والهجاء والتباكي بكتابات قابلة للتسويق أكثر عبر مواقع التواصل.

المشكلة هي في التعامل مع أصل القضية وليس القضية نفسها

قبل كل شيء أن مناقشة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات لا يتعلق بحقوق المرأة ومسألة حرية الملبس ولا بين التخلف والحضارة والعلمانية بتاتا. وإن هذه المسألة لا تربط حتى بمسألة عدم اندماج المسلمين بالمجتمعات في الغرب ومحاولة حل هذه المشكلة من زاوية معينة والحد من انتشار الإرهاب. إن هذه المسألة ليست حقوقية بقدر ما هي سياسية تخص مرحلة معينة في حياة البرجوازية العالمية وصراعاتها وتناقضاتها،واليوم عندما تصدر قوانين لمنع البوركيني في الشواطيء الفرنسية ليس من باب الحفاظ على علمانية الدولة الفرنسية كما يدعي ـصحاب هذه القوانين، وليس من باب اغتنام الفرصة لاندماج المرأة المسلمة بالمجتمع الفرنسي، وإنما جاءت بعد اشتداد صراع الغرب مع كلبهم المسعور أي الإسلام السياسي والذي نشأ وترعرع في إحضان الغرب بعد أن انقلبت مصالحه مع الغرب.
أن تجريم لبس البوركيني على الشواطي الفرنسية يشبه تجريم بيع الجسد وليس أسبابه أو تجريم تناول المخدرات وليس تجارتها. أي يتعامل مع الضحايا وليس مع أسباب النشوء. المعروف للجميع لم يكن البوركيني أو اللباس الإسلامي سائدا في الغرب ولا في المجتمعات الشرقية إلا بعد ظهور تيارات الإسلام السياسي وظهور الدولة الإسلامية في السعودية من قبل الغرب نفسه في بدايات القرن العشرين. وإن الغرب حتى هذه اللحظة يتجنب انتقاده للقوانين والتقاليد الإسلامية خوفا من فقدان مصالحه في الشرق. أن هذه المسألة لا تتعلق بحريات ولا بحقوق المرأة. إن من حق أي شخص أن يرتدي الملبس الذي يريده، هذا من ألف باء الحرية ولكن لان الاسلام السياسي وجرائمه تفوق العقل البشري، فأن الرموز الإسلامية بكل أنواعها ومن ضمنها البرقع والبوركيني أصبحت محل نقد لاستعباد المرأة وخضوعها.
لقد وقع العديد من الجماهير تحت تأثير خطاب البرجوازية وإعلامها بأن مصدر الإرهاب الإسلامي يأتي من الناس البسطاء والذين يعتنقون الأفكار الإسلامية، ولكن لا يرون كيف ومتى صاروا إرهابيين وما هي الأسباب والدوافع لقيامهم بهذا؟ أنهم من كثرة اخضرار الغابات لا يرون الاشجار هذه هي المصيبة، إن الاعلام البرجوازي يحقق مع الضحايا وليس مع المشكلة نفسها. عندما اصبح تناول الماريجوانا قانونيا في هولندا فإن ظاهرة تناول الماريجوانا بدأت بالانخفاض وكذلك نفس الشيء مع ظاهرة الدعارة وفي أي مكان تكون فيه الدعارة قانونية تنحفض نسبة العاملين فيها، لان في كلتا الحالتين تم تجريم التجار والوسطاء والسماسرة من أن تلعب دورها، والأمر أصبح شأن الافراد انفسهم وهذا يمكن السيطرة عليه بتنظيمه في السياق الإجتماعي. والحال نفسه مع الملابس الإسلامية، عندما يمنع تدخل الإسلام في شؤن الأفراد وخصوصياتهم وتمنع الجمعيات والمدارس الإسلامية من غسل ادمغة الأطفال وتمنع الممارسات الإسلامية المتخلفة، وأن ينشر الوعي الثقافي والحضاري وتوفير مستوى معاشي مناسب للجميع، ستختفي تدريجيا ظاهرة الحجاب والبرقع والبوركيني ليس في الغرب وحسب وإنما في عالم مايسمى بالإسلامي أيضا، كما رأينا في مجتمعات الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي في الشرق الأوسط وشرق اسيا،

إذن المشكلة هي في التعامل مع أصل القضية وليس القضية نفسها. إن تناول قضية منع البوركيني بعيد عن تناول التعامل مع الإسلام السياسي هي قضية مظللة وتفتقد إلى الحل الواقعي لهذه الظاهرة،  وإن التعامل مع الإرهاب الإسلامي لا يمكن النظر إليه بعيدا عن الإرهاب السعودي والإيراني. وإن خلاص المرأة من عبودية البوركيني والبرقع يتم عن طريق القضاء على التمايز بين أجناس البشر بسبب الدين واللون والعرق.. وهذا يمكن تحقيقه بتوسيع الحريات السياسية والفردية وأن يكون التعليم والإعلام والقوانين تنظر إلى هذه المسألة بعيون إنسانية.

فإن القول ما قالت الصحفية ريمونا كاتبة “الجارديان” البريطانية

فالكاتبة ترى 5 أسباب أخرى تدفعك لارتداء زي السباحة المحتشم،وإلى نص المقال بتصرف:

يا للمرح.. لقد حان ذلك الوقت مرة أخرى، أيها الناس! البوركيني يثير الغضب، حتى أننا نسينا عدد المرات السابقة التي حدث فيها مثل هذا الأمر، أما عن أحدث مغامراتنا في الجدل حول ملابس السباحة فهي تأتي من – ولن تستطيعون التصديق – الفرنسيين.هكذا يقولون، لابد أن نمنع البرقع. امنعوا ارتداء البوركيني! امنعوا ارتداء البكيني! لا! انتظروا، لا تمنعوا ارتداء ذلك الأخير. فلا بأس به لأنه ليس له صلة بأي من المعتقدات الدينية أو السياسية. أو هذا هو الظاهر علنا. ولكن دعونا لا ننسى ما حدث قبل ذلك في الخمسينات، عندما لم يكن مرحبا بالبكيني الصغير جدا ذاك، في المجتمعات الأوسع: بالإضافة إلى استنكار الكنيسة الكاثوليكية له، وتم حظر ارتدائه أيضاً في كل من إسبانيا، والبرتغال، وأستراليا، وإيطاليا، والعديد من ولايات أميركا. حتى أنه كان محظوراً في مسابقات ملكة الجمال، بعد أن ارتدت إحدى المتنافسات على لقب ملكة جمال العالم، ذلك اللباس الفاضح المكون من قطعتين.كثيرا ما يتحدث الساسة عن التكامل والاندماج، ثم سرعان ما ينطلقون إلى تهميش السيدات. أولئك اللاتي يقولون عنهن إنهن يتعرضن للاضطهاد والاستبعاد من المجتمع. وتلك الازدواجية في الحديث أصبحت مزعجة للغاية. ولذا، دفاعا عن البوركيني، إليكم 5 أسباب لتحدي الحماقات وتجربة إحداهن:

1 – إطلاق جنون وسائل الإعلام

في المرة القادمة التي تأتيك فيها الرغبة للنزول إلى المسبح، تذكر أن البوركيني سيضمن لك الشهرة عبر تويتر. فلم لا تستغل هذا الأمر لتحويل انتباه الناس عن الأشياء التي تهم حقا؟ فيبدو أن ظهور بنوك الطعام، ونقص الأطباء وانتهاكات حقوق الإنسان ليست بالأهمية الكافية لدى الرأي العام ولا تجعلهم منزعجين للدرجة الكافية.

2 – توفير شراء كريم واقي الشمس وإزالة الشعر

قد يكون البوركيني هو الإجابة المطلوبة لمساعدتك على توفير المال الذي تنفقه لشراء كريم واقي الشمس، بالإضافة إلى توفير الذهاب إلى تلك الرحلات المؤلمة الضرورية إلى مركز التجميل. وسوف تتلاشى كل المخاوف تجاه الاصابة بسرطان الجلد والتشبه بالمرأة التي تسكن الكهوف، وستبدأ بدلا من ذلك في التفكير في كيفية إنفاق مدخراتك. وربما تكون الذهاب إلى نزهة على شاطئ الريفيرا بكان فكرة جيدة.

  1. 3. التنويع في حريات المرأة

لا تقبل أن يتم الدفع بك خارج النقاش من قبل أولئك الذين يدعون إلى تحرر المرأة، بينما يقولون لك الآن لا يمكن مساواتك بالنساء إن كنتِ مغطاة بالكامل. النساء تركيبة جميلة للنصف الآخر من الجنس البشري، وهي تركيبة معقدة، ومتنوعة تنوعا واسعا للغاية. وعلى الرغم من أنه قد يبدو صادما للبعض حقيقة أن زيّ السباحة ليس على رأس قائمة أولويات المرأة، ولكن لا يجب الحد من حرية المرأة في ذلك الأمر، ولا يجب إسكاتها أو التفضل عليها أو دفعها إلى خارج الحياة العامة – وعلى الأقل خارج جميع بنود حقوق المرأة – فقط بسبب اختيارها لارتداء زي السباحة الذي يغطي جسدها بالكامل، أوذلك المكون من قطعتين.

4- تسليط الأضواء على السخافات

من كان يظن أن تلك الزيارة القصيرة إلى قسم ملابس السباحة في متجر ماركس وسبنسر ستصل بنا في النهاية إلى عملية شراء إرهابية؟ قال تيري ميجول رئيس الخدمات البلدية في مدينة كان: “نحن لا نتحدث هنا عن حظر ارتداء الملابس التي تمثل الاتجاهات الدينية على الشاطئ. ولكننا نعني تلك الملابس المبالغ فيها التي تدل على الولاء للتحركات الإرهابية التي تعتبر في حالة حرب معنا”.

ويبدو أن ميجول يعتقد أن النساء المسلمات اللاتي يقضين إجازتهن في التسوق كل ما يشغل بالهن هو “هل تبدو القنبلة التي أحملها كبيرة في هذا الرداء؟”، ولكن لا داعي للقلق، فالأشياء الوحيدة التي تبدو قبيحة للغاية هنا، وبوضوح شديد، هي الكراهية العلنية والنفاق.

5- الاحتفال بالحرية

على الرغم من أن البعض قد يصيبه الضيق من أجل تقييد حرية الملبس، إلا أن الجميع لابد أن يحتفل بالمعنى الحقيقي للديمقراطية عن طريق شراء أحد الخيارات العديدة الموجودة في قسم ملابس السباحة، وتذكير العمدة بأن المساواة، تعني التنوع أيضاً. وأن القضاء علينا وسلب حياتنا، سيكون أسهل بكثير من منع ارتداء البوركيني.

 

مفارقات حول ازدواج المعاييرفي حق ممارسة الحريات

بغض النظر عن كونها قضية هامشية مقارنة بالمآسى التى يعيشها العالم بخاصة فى الجانب الذى يقطنه العرب والمسلمون حيث تسيل الدماء يوميا ويشرد النساء والأطفال

فإن الغرب منشغل اليوم بقضية «البوركيني» أو «المايوه الشرعي» ليضيف اختبارا جديدا لحقيقة التشدق بالحرية وحقوق الإنسان، ويسفر عن دليل آخر على ازدواج المعايير، الجدل حول ازدواج المعايير المتعلقة بممارسة الحريات فى الغرب، لتضاف هذه القضية إلى تاريخ من العدوان على الحرية اذا تعلقت بالمسلمين، مثل قضايا الحجاب والمساس بالمعتقدات والمقدسات الإسلامية. البوركينى الذى ظهر عام 2003، وينسب إلى مصممة الأزياء الأسترالية من أصل لبنانى عاهدة زناتي، كان موجها للسباحات كلباس بديل عن اللباس المتداول، «البكيني». وترتديه النساء المحتشمات كى يعطيهن حرية أكثر لممارسة رياضة السباحة ،ولكنه تحول فى صيف 2016 لموضوع جدل واسع فى فرنسا، بعد قرار بلديات هناك بمنعه على شواطئها، بحجة أنه رمز ديني.

وهنا لا ننس الشق الاقتصادي من الموضوع، فالبوركيني سيصبح في عالم الأزياء والموضات والماركات الشهيرة، حيث يمكن استخدام العقائد والهويات مجاناً في استثمارات طائلة. لا تبدو المسألة نظرية إلى هذا الحد، وبغض النظر إذا جاء المهاجرون بدعوة من مجتمعاتهم الجديدة التي اختاروا أن يعيشوا فيها، أم لجأوا إليها أم قادتهم المصادفات، وبغض النظر عن البيئة المناخية التي تحتاج فيها الأجساد الى الشمس وربما الفودكا وشحم الخنزير، إلا أنه هناك ما هو موجود على الأرض كالإسلاموفوبيا، ولا أظن “الإسلاموفوبيا” هي عطب جيني في صبغيات أهل الغرب، بل هي صدمة ثقافة مذهلة لهم، فالإسلاموفوبيا تتغذى واقعيا على هكذا مصادمات وترى فيها حصارا تدريجيا يستحق العداء، خصوصا مع فورة الإعلام والإعلان، في الواقع يبدو انتصار البيوركيني وكأنه هزيمة، لأنه سوف يدعم مخرجات الإسلاموفوبيا ويؤكدها. إنها مجرد أسئلة وربما كان هناك الكثير غيرها، والإجابة عليها موجودة في الواقع وتمارس تحت ضوء الشمس، كما يتم التهرب من مسؤولياتها تحت ضوء الشمس أيضاً…