أوليس مودي من بلدة غاندي

بعدما أعلن رئيس الوزراء لجمهورية نريندرا مودي عندما أرخى الليل سجوفه، أصبح الشعب الهندي معتكفا في عتبة البنوك والمصارف المالية، ولم يزل هذا المأزق مستمرا حتى الآن، وقد شهدت الهند لتدافع هائل أمام المراكز الاقتصادية ومعاهد الحكومة، كأن رئيس الورزاء يقاتل هذا الشعب المتعدد، مع أنه يطلب اطلاقا جذريا من الأزمات والمشقات وهو يعاني من القلة والفاقة، وقد سردقت الفقر على أهاليها وعششت عليها منذ القرون، مع أن مودي لم يقف هناك بل أقبل لسحب نقود الأثرياء من غير أي ضمان ولا وثيقة، ولكنه يسخر من الأبرياء والفقراء ويستهزي بهم، ويبكي بدمعات ما لها ثبات.

وقد دعى هذا الإعلان ملايين الهنود إلى الخمول والإهمال، وإلى جمود الأسواق وكساد السلع والبضايع، ولم يزل تتردد أصداءه في كل شارع هندي، وتضخمت الزقاق والأسواق بهتافات وإعلانات تصرخ ضد الاستبدادية والدكتتاتورية، كأن الهند تمشي رويدا من الديموقراطية إلى الدكتتاتورية وتهرول من ماضيها الفاخر إلى حالة بشعة لا تليق مع الدستور والقانون، وفي غضون ذلك أقبلت الحكومة بقانون آخر حيث يؤدي إلى قلق وحال مرتبك، مع أن القانون المدني الموحد يشتت شمل الجمهورية ويفرق همة الوطنية والقومية بل يسبب للتشعبية والتحزبية، وهذه السياسة تلعب سياسة محتجبة من اعين الناس.، ماهذه السياسة، سياسة ماوراء الوطنية والقومية، مع أنه يدفع الناس إلى العنف مع باكستان والاحتجاج علي هجماتها في حدود كشمير.

كشمير…. تنفيذ القانون المدني الموحد…..سحب العملات الكبيرة…. قضيات عديدة تتلوها أخرى، ويمكرون تحت جنح الليل والظلام…نعم إنه بداية ومؤشرة إلى أن الهند انحرفت من مجراها ومصيرها…

والحال أخطر مما نظن، لأنه يفيض الزيت في الرمضاء، وتقوم أمة الإسلام في كفة الجرايم وفي طفة المآثم، لقد أثار هذا القانون موجات من العنف والضغينة والحقد كأن الحكومة تنتظر هذه الموجات والاتجاهات، لماذا يخافون الإسلام أكثر مما يخافون غيره، ولا غرو أن طلوع الفاشية هو نفسه غروبها، وقد رأينا في صفحات التاريخ عديدا من صناع الرأي وأعلام الدولة أتوا برؤية هدامة ثم طوى الزمان تلك الموجة الهائلة.

بعد إعلانه.. على حين غفلة من الشعب والقوم نؤكد أنه يمضي طريق الفاشية والعنصرية، وقد بنيت حيطان الشراسة والتفرقة بين كلا الشعبين وتأججت نيران الضراسة والشك بين الطوايف المتعددة،  كأن مودي نسي ذمته وغفل عن همته بل صير  الهند لعبة وإمعة تدور حوله، ولكن هذا الشعب أبي وقوي لمقاومة هذا الاستغلال مهما هبت أعاصير الضلالة والفساد، وما مرت سوى بضعة شهر من اعتلايه على العرش، حتى انقلبت الأمور ظهرا لبطنها واضطربت على خلاف ظنها، والهند كأنها أصبحت مستعمرا من جديد، ولكن الاستعمار  يرتدي حلة جديدة، استعمار الفكرات والدعايات…

مودي بين السياسة والسياحة

عندما يظل الشعب في شمس مشتعلة يطل إلى البنوك طار رييس الوزراء يجول في البلدان ويطوف على الفضاء، كأنه يمثل الملك نيرو حين يضرب أوتار العيدان والروم يحترق بالنيران، وهكذا قالوا إن الفاشية ستأتي صامتة حتى تقبض الأخضر واليابس، وهناك سيل من المطالب والمسائل لماذا يسحب مودي هذه الفلوس، للحماية أم للهواية، ولكن الغضب يتصاعد ويتراكم، حيث خدع العامة وأعلن الأثرياء ورجال الأعمال، وإن كانت مفاجأته حقا فلم فتح بابه لرجال الأعمال الكبار، وهو يقول إنه يعرقل في طريق العمليات الإرهابية والكوارث الاقتصادية، مع أنه لم يقم بالتزامات ضرورية لكفاح ضرورات اهتمامات العوام.

ومنذ مطلع الاستقلال في افق الهند لم تزل في أي وهلتها رجلا يحارب بلده وأهله، وفي أول أمره ترك زوجته ثم أمه ثم بلده، ثم يدعي أنه مقاوم الوطن ومجنده، وقد رأينا كثيرا من الواقعات التي تعكر صفو ماء الحياة وتكدر  ينبوعه، لأن الهلع  وقد تغير مجرى الهند وحدث منعطف في تيارها فلا بد من سد متين ليدفع هذا السيل العرم الغاشم.

الحرية في الخطر

لقد أصبحت الحرية في خطر مهم لابد له من معقل سياسي وسلمي، لأن العنف لا يأتي بشيئ، وقق صفدت الأبواب وأتى عليها الحجاب والنقاب، فلا بد من خرقه وتمزيقه، والهند تنادي إلى ماضيها الفاخر وأمسها الزاهر، والغاندي والمودي من بلد واحد، نعم لقد انعكست الأمور، وغجرات أصبحت نقطة انتحار على وجه العالم، وما الحل إلا الوحدة المخلصة والانتفاضة المقدسة لاستعادة مجدها وذكرياتها الغضة، ويأتي الصبح بخبر جديد يصفي هذه المكدرات والملوثات.

الهند غاضبة…

أتبكي الهند يا وطن الإباء

وتشكو من دوار أو صداء

لكنت مطية لإلى السماء

فصرت اليوم اقبح من بلاء

ترى شعبا يطل إلى البنوك

يفيض الدمع من عرق الدماء

وشاع الصمت قطّعت الشفاه

ومودينا يطير على الفضاء

وعذرا يا رئيس الهند عذرا

أنا شعب يكاد إلى الفناء

فغض الطرف انك من نمير

فلا شبرا بلغت من السماء

أليس الهند موطننا قرونا

وما خاف الاصيل من السباء

سنبقى صامدين على ثراها

ويبقي النور اثر فم العشاء

سنحمي هندنا حتى الفراق

ونثبت عزها دون العداء

وما فلس يفيد ولا نقود

سوى جوع يزيد من العناء

ونهاية…. الهند تتحمل مشقاتها مع الصمت والسكوت، وكأنها تدعو أبناءها إلى حماية مجدها التليد ورعاية إرثها الفاخر، وهي تشتكي من الطلق الشديد.. نعم ستضع عن قريب لبطل وخريت يخلص هذه الدولة من أخطبوط الفاشية ويطلقها من هوة الجهالة والضلالة….