إعداد/ د-فادي محمد الدحدوح
خبير البحث العلمي ومتخصص في الدراسات العلي
ذاتالاستقامة الأخلاقية العالية والتي تمتلك خصائص متميزة.
توجهت جهود الباحثين في هذا المجال نحو تحديد ما يميز المنظمة الأخلاقية عن نقيضها من المنظمات ، فقد أشار البعض إلى أن المنظمات الأخلاقية هي المنظمات لقد أفرزت دراسة الممارسات الأخلاقية في العديد من المنظمات الناجحة حقيقة أن الدور الذي يمارسه القادة في هذه المنظمات في مجال تحديدها حيوياً ،وإنالطريق الأولي الذي يختاره القائد ليحدد النغمة الأخلاقية للمنظمة يتم من خلال الأفعال والتصرفات التي يقوم بها ، أي عكس تلك القيم في الواقع العملي. وإذا لميصغيالأفراد إلى القيم الأخلاقية التي يحددها لهم قادتهم ، فإن ذلك يؤشر أن الأفكار التي يحملونها تدور حول عدم أهمية القيم الأخلاقية في المنظمة.
ويرى البعض بأن عملية صياغة أو نسج القيم الأخلاقية في المنظمة يتم في إطار الثقافة التنظيمية وفي استمرارية أعمالها لإعادة تجديد أو تحديث القيمالأخلاقيةغير الثابتة ، وأن الأفراد العاملين هم الذين يدعمون تلك القيم الجوهرية في إطار الأفعال والتصرفات التي يمارسونها .
وفي عصر الإنترنت يصبح للأمر أبعاداً أخرى ، فشبكة الإنترنت لا تعدّ مرفأً دقيقاً ومضبوطاً لأخلاقيات الأعمال الجيدة ، فهي مكان غير خاضع للقانون تتم فيه الكثير من العمليات المجردة من المبادئ الأخلاقية ، ووجود حالات سوء الاستعمال لمضامين المناخ الأخلاقي مثل الاستقامة والآداب واللياقة السليمة . الأمر الذي تطرقت إليه بعض الدراسات فأشارت بصراحة إلى عدم أهمية الموضوعات القانونية بعامة والأخلاقية بخاصة في إطار شبكة الإنترنت وسوغت ذلك بفقدان حالة التقييس في تكنولوجيا الإنترنت.
لقد أفرز عصر الإنترنت فوائد وتحديات أخلاقية لمنظمات الأعمال ، فهو وفرّ إمكانية السرعة في الحركة بعد أن أتاح للمدراء والعاملين معلومات مرتدة تمكنهم من اختصار الزمن في عمليات الاتصال والاستجابة لطلبات الزبائن ، وهذا ما أدركه بعض المدراء وبموجبه فكروا باستبدال نماذج أو موديلات الاستقامة التقليدية بأخرى جديدة تمكنهم من الإيفاء بالوعود الأخلاقية ، فاستعداد المنظمة لتحمل الكلف العالية مقابل الحصول على مواد أولية تمكنها من إنتاج منتجات بمواصفات مقبولة يستحقها الزبائن مسألة مهمة في هذا الاتجاه .
فضلاً عما أتاحته شبكة الإنترنت في بيئة العمل من موضوعات أخلاقية جديدة للمدراء والخيارات المتاحة في هذا المجال متعددة ومنها استبدال الاتصالات ، والأعمال الافتراضية ، والساعات المرنة ، وسياسات الباب المفتوح ، كما أتاحت تكنولوجيا المعلومات الجديدة الأدوات اللازمة للاحتفاظ بوسائل الكبح الملائمة للعاملين في حالات سوء الاستخدام أو الخروج عن المرونة الممنوحة.
وبشكلٍ عام نرى أن على المنظمات العربية أن تختط لنفسها مساراً أخلاقياً يتناسب وطبيعة المجتمعات العربية من جهة، ويبرز الموروث الحضاري والديني والقيّمي في صياغة توجهاتها الأخلاقية في إطار البيئة العالمية من أجل تجنب الأخطاء المحتملة. وهنا نشير إلى ضرورة امتلاك المنظمات العربية لرموز وبرامج أخلاقية رسمية تسعى الإدارات العربية إلى إنشائها ودعمها وتطويرها باستمرار ، وأن تسعى تلك الإدارات إلى أن تكون تلك الرموز والبرامج الأخلاقية هي السائدة في منظماتها ، وأن يتم النظر إلى تلك الرموز بوصفها أدوات تقود إلى إحداث السلوكيات المتوقعة من قبل جميع أفراد المنظمة قادة وأفراد عاملين وفي كافة مستوياتها، كما يتوجب أن تكون تلك الرموز قادرة على جعل الأفراد قادرين على فهم ما يتوقع منهم من سلوكيات أخلاقية في بيئة العمل من جهة ، وفي حالات الاتصال التي تحدث فيما بين الأفراد في المنظمة والأطراف المتعددة من المشاركون من جهةٍ أخرى . كما أن وجود مثل تلك الرموز والبرامج الأخلاقية بصيغها الرسمية يمكن أن يوفر وسائل للتعامل مع الأزمات والضغوط المختلفة التي تتعرض لها المنظمات العربية في إطار ممارستها لأعمالها .