بقلم :السيّد منوّر علي شهاب
الشيخ بافوتي مسليار قدس الله سره العزيز كان مثلا زاهرا للأمة الإسلامية في الاقتداء والاتباع، ولد ابنا حنونا للأب الكريم العالم الصوفي الجليل كنجين مسليار نور الله مرقده، وكان ذا منزلة عظيمة في درجات الأولياء، وصاحب كرامات عديدة شهدت لها السموات والأرض ومن فيهن، وكان ذا حظ وافر في خدمة الأمة حيث قام بتطبيق عمليات فعالة وبنى معهدا شامخا تربويا، وخدم الأمة عالما صوفيا واعظا متعظا متعلما منفقا في سبيل العلم جهوده الكاملة المتوفرة.
والعامة قد حضروا ملامح الأستاذ عندما يجدون أنفسهم في المشكلات مقترحين منه أقوال السلامة والشفاء، متيقنين راجين ببرء الداء، وهم لا يرجعون إلى أهلهم إلا وقد حجز في قلبهم السكون والهدوء من جميع مضراتهم ومشكلاتهم، ونزل في قلوبهم منزلة حب وكرم مع هيبته ووقاره، واليوم يستريح الأستاذ الذي اتخذ حب العلم غايته رقعة من قلبه جانب أمه الحنونة المدفونة في حرم الكلية وهو يتلذذ من زاد حياته الدنيوية المجهزة للآخرة.
وإني كنت فائزا وسعيدا بحبه الصفي، فأبي السيد محمد على شهاب كان يحرضني مرات بعد مرات على تخفيف ثقل الأستاذ بتأسيس لجنة لسبيل الهداية لتسهيل عملياته، وبعد وفاة والدي كان الأستاذ نفسه قد هيئني إلى ذلك المنصب. وقد كان ممتازا في سيرته بزهده للدنيا ولطافة حياته. وقد لعب دورا في إحياء العلوم الدينية لا سيما علم التصوف.ا
أهدى إلى أصحابه أشعة التصوف ونور العلوم التي أهديت إليه من والده الكريم كنجين مسليار، وبحسب تسجيل التاريخ كان قدوم أهل البكر إلينا من ركن مهم في أسرة الخليفة الكريم أبي بكر (رض) زين الدين مسليار. وكان الأستاذ عنقودا معتبرا منهم.
2009 يوليو، 31 يوم الجمعة يوم حفظته في ذاكرتي في ورقات التاريخ. ذلك اليوم الذي أصدرت كلية السبيل الهداية كتاب «زمزم وفضائله» وكانت الحفلة من بيتي بإعطاء والدي نسخة إلى كنجالكوتي. وكان بافوتي مسليار أيضا قد حضر الحفلة في فانكاد ومعه طلاب وأساتيذ من سبيل الهداية. و شرعت الحفلة بقراءة سورة الفاتحة، وعند وقت الدعاء حسبنا جميعنا بأن والدي سيقوم بالدعاء ولكنه طلب من بافوتي مسليار الدعاء قائلا: «ومن الآن ادع أنت» وفي ذلك اليوم قام بافوتي مسليار بالدعاء. وفي اليوم التالي انتقل والدي إلى ذمة الله سبحانه وتعالى. وهذا هو السبب الوحيد الذي حثني لهدية مجموعة كتب والدي إلى مكتب كلية سبيل الهداية.
وقبل أيام معدودة من وفاة الأستاذ الكريم كنا قد اجتمعنا في الكلية للمشاورة عنها، كان موضوع المشاورة مستقبل الكلية وكيفية تسهيل مسيرها، وبعدها شاورت الأستاذ ونبهته عن نتائج المشاورة حتى عدت بعد الطعام، وذلك آخر ملاقاتي معه، وحضرت للجنازة مبكرا حتى ائتممت لصلاة الجنازة الأولى، وهذه الواقعات الزاهرة أراها دليلا للعلاقة الشديدة بيننا.
كان الأستاذ أكثر عشقا للغة العربية وأدبها، وتدل عليه مجلة النهضة العربية التي تصدر عن كلية سبيل الهداية منذ اثنتي عشرة سنة. فكان الأستاذ يدبر واحة التصوف منها، وكان طبيبا للمرضى وعمدة للبأساء وأبا للأيتام وقائدا للأمة. شهدته الآلاف التي حضرت جنازته. ونطلب من جميعكم دعمكم وتأييدكم لترقية كلية سبيل الهداية التي أمدت للعالم كثيرا من العلماء الهدويين. اللهم ارفع درجاته يا رب العالمين، وتقبل حسناته وخدماته لدينك الكريم يا ذا الجلال والإكرام، واجمع بيننا وبينه في جنات النعيم.