بقلم: محمد أجمل
إن الهند في ساحات الظروف الحديثة دولة من الدول المضروبة بها المثل في أجمل الحكومة الديموقراطية والعلمانية، فإنها في هذه الحالة المستشرية بهباء الإنتخابات العامة خاصة تتنصب لتذكير عامتها نفسهم بأنها كانت دولة ذات وصف الديموقراطية حتى ارتج لسان رئيس وزرائها مخاطبا إياهم بأن الدولة آمنة في يدية المضبوطة،
نعم المشار إليه هو المصادمات الحروبية بينها وبين الدولة المسلمة باكستان،
قد وقعت مقلاتنا من الوسائل الأخبارية بأن الإرهابية الباكستانية المسماة بجيش محمد قد هجمت هجمة إنتحارية نحو الراحلة الحند الهندي بما فيها أكثر من أربعين جندي الحدود الكشميرية الهندية حتى التحقوا جميعهم بثمالة تنفسهم الأخيرة، وبعد أيام من هذه الكارثة التي قمعت سحائب الهند على غير توقع منها نهض الجيش الهندي إلى انتقام صادع على قطاع باكستان وأهلها في رقودهم غامضون بانتظار إلى صباح جديد.
وحينما صكّ خبر المقاومة على آذان المحبين الوطنيين وثبوا وثوب الفاتحين مع رئيس وزرائهم نريندرا مودي، ولم يلبث أن يبعث نشاط مودي تعسفا وحزنا مبتورا إلا يومين، لأن رئيس وزراء باكستان عمران خان قد عرض لفوهات العدسات الإعلامية حتى صرّح بأن هجمة الهند لم تنتج في تدمير أي عرض باكستاني إلا أنها صارت محض صور متناثرة لا تعني شيئا، وعلى وفق إخبار أهل القطاع المصاب كانت الهجمة الهندية كلها في قطاع غيار خال عن الناس والأجسام، بل لم تشهد الأرض المهجومة لأي تشخيب بل لتبنية الحفرات العميقة.
وبإثر الأخبار المتوالية من الوسائل العالمية التي صدقت هذه الواقعات وهدمت تخطيط مودي المشاب بالكذب وقع في نفوس الهنديين أيضا شك ماّ، ولكنّ مودي قد اعتكف في تشطيب هذه الأخبار والدعاوي إلى قمامة الإفك والكذب حتى سجّن لسانه في قوله بأنّ الهند قد هجمت على رقعات الإرهابيين هجمة صاروخية التي اختلطت في قتل أكثر من ثلاث مائة إرهابيّ، وإن كان مودي قد دبّ على المشكلة على غاية قدر من طاقته أوجبته حادثة التي تقدمها باكستان مع الدليل الناطق في ضوء النهار أن يدير أنامله على حتف أنفه بعدما كان قد ارتفعها للإشارة إلى الأيدي الآمنة في خطبته إثر الهجمة الصاعقة على قطاع غيار، وتلك الحادثة المخجلة كانت تنطق بإيقاع جندي هندي أبينندن ورتمان- الذي كان يشتغل بأمور الهجمات الجوية والذي كان بهمة الهند وقويها- في حيص باكستان عندما كان يسوق طيارته للهجمة عليه.
فلم تنتج هذه الحملات إلا في ضياع الحياة والمساكن وأراضي الهنديين البؤساء إلى أن ترأّست إلى تقليل عدد الجند والآلات من غير هجرهم إلاّ بضربة قاضية على همتهم، فاختبأ لسان مودي الذي كان قد ثرثر مواجها العالم بأنه سيبدي بين يديها قوته في حماية الوطن غير أنّه صار كالحية المختفية في أجحارها، وكانت الإنتهاكات كلها تطبق على متن الهند خلاف باكستان حتى ضاعتها جملة من الطيارات الحروبية التي جلبت إلينا بإنفاق غال.
هذا وقد غلت دماء العاقلين لقوام دولتهم وكمالها في حرارة شكّ مبهم الّذي ينطق هكذا: إلى أين ينتهي تصريف مودي في الأمور الدفاعية بعدما أعلن صندوق التمويل بأنّ معظم أموال خزانة الهند تصرف للتنمية الدفاعية وقد شاهد خمول الطيارات الحروبية من غير إظهار علامات هذه التصاريف الضخمة، قد حاول رئيس وزراء الهند في حين من هذه الأحيان التي كثفت السحائب المظلمة بين يدي طياراتها الصاروخية أن يجعل ويجلب قضية رافيل نحو طرفه اليمين لا اليسار، ومن إحضار ملامحه في هذه القضية عرف الوطنيون الهنديون ذلاقة لسانه ومشقصه في اتخاذ الناس العوام أصحابا له بعدما فرض الحال عليهم أن يسيروا ويمضوا قائمين خلافه في الإنتخابات العامة المطرقة للباب حتى ينجوا من الأوبئة الموديية.
إلى أين موكب الهند وإلى أين منتهاها؟ رئيس يجلب الأعوام إليه مستفيدا من أمور الأمن الوطني! فالإطلاع بالفوز الممتاز في الإنتخاب العام مرامه الأعظم من تأمين الدولة من الأيادي الإرهابية، والآن كيف يمكن مودي بل أين يخبأ رأسه من هذا الأمر المخجل الذي ظهر في رأس رئيس الأعداء أيضا؟، لأن عمران خان قد استطرد قائلا بأن عدوه لم يدعمه لمشاورة الصلح والصلاح بين الدولتين، وبهذا ارتدى عمران رداء الهمة والبهمة بين يدي العالم، وقد قادته معاملته البشرية بالسكوت والصبر إلى حجز مكانة ذات مناصب عظمى في قلوب العوام.
ومن الأسف العميق أن نجد بعد الهجمة الإرهابية على راحلة العسكر الهندي بأن رئيس الوزراء مودي كان يرقص في منظر تجهيز وثائقية عن حياته البشعة المقذورة بأقذار الترفه والرشوة والفساد بين يدي العدسات في الوقت، هذا وقد أبى ألاّ يرجع منه إلا ونزه بركوب المعبر النزهي وناول الشاي مع شركائه، فلا شيئ أخجل من هذا الأمر الذي ندر ظهوره إلا من القليل القاسين قلوبهم وأفئدتهم البشرية حتى افتخروا بهيمنتهم وتملكاتهم، ومما يزيد العجب العجاب بهرا بأننا لم نكن عارفين ولا مطلعين على هذا الأمر المأسف إلى أن قوي رئيس يسار الهند السيد راهل غاندي بوضع الحق والباطل على موضعهما الصالح لهما استقامة وبسطة.
وبادئ كل ذي بدء، ما كان جواب مودي على الإظهار من رئيس اليسار البهمة الكبير للهند في ساحاتها السياسية إلا استهزائه وثرثرته بما لا يعنيه، ومن المزاح الذي من حقه أن يضحك حتى ظاهرا للثة بأنه كان مودي هذا نفسه شخص قام بعد الهجمة خطيبا تجاه الناس العوام بأنه قد شد إزاره على قبض لجام الأمن الوطني في يديه، وهذا البائس الماكر لم يعرف بفرجة يديه التي منها سينزلق قدم الدولة، ومن اللغز الذي ضعفت قوة ظهوره في ضوء النهار سؤال ما الحاجة لرئيس وزراء دولة أن يتقرب بارواح أناسه ومسؤوليته تقديم روحه لحمايتهم وصيانتهم، لأن منصبه ذلك قد اجتلى عليه باختيارهم وتداعمهم.
فالهند في ظروف الانتخاب البرلماني القادم يطوّل الأعوام ذوو الأصوات الغالية رؤوسهم ليطلعوا على إمكانات مستقبلها من أسيتربع هذا المتضعضع كيانا نريندرا مودي في عرش الدولة لمرة ثانية، أم سيشطب راهل غاندي آثار العصبية والإرهابية بمكنسات الديموقراطية؟، قد أنكر موي فرصات متوالية للمناقشات والمشاورات بين الهند وباكستان مع أن المضيف هو عمران خان، وهذا لأجل نظرة من مودي في أوان الانتخاب إلى مشروعاته حتى يسجل في شعارات الانتشار الانتخابي لحزبه فلم تقع على أية جديرة بذكرها بين يدي الأعوام إلا بناء الأصنام بإنفاق الآلاف التي كان من حقها أن ينفق لجلب الفقراء والبؤساء الهنديين إلى ساحل المعيشة المغنية والغنى، فقد حسرت عيونه عندما قام بين يدي جمهوريته لتذكيرهم عن تطوراته وتنمياته الحكومية، فلم تر إلا حماية الأبقار والأصنام وجزر الأناس الأقليين، فقد تنشط أوراق حكومته لتسجل عن أعياره التي خلف الدولة إلى المرتبة السفلى في ألواح الدول النامية ترقية وغنى.
وكانت ألواح مراتب دول السرو ر أيضا قد سجلت ضعف حكومة الهند في تكميل وتتميم غايتها ومرامها، لأنها قد سجلت بتشتيت مأشار الهند أكثر من أربعين مرتبة حينما فرح باكستان بظواهرها التي أقامته في المرتبة الستين أو أربعين، فكان هذا الترقيم الدولي ردا تاما للهند على تصريحتها بأن باكستان دولة الإرهابية، فقد أوجبت هذه الواقعات بتعكس مودي في الظلمة وهو يعيش في نور مصابيح النهار، لأنه لم يجد أي جواب لسؤال الذي يجب حضوره في نفسه وفي نفس أتباعه: كيف يكون باكستان دولة الفرح والسرور وحرمه حرم الإرهابيين؟، ومن الجيد أن يتذكر مودي رئيسة وزراء لنيوزلندا جزيندا بأنها أيضا قد كانت تواجهت حالة من الانفجار الإرهابي مثل ما توجه مودي، ولكنها لم تسرع إلى الانتقام من دولة الإرهابي، بل قامت مع المقتولين حتى صارت كعضو منهم الذي يشد ببعض آخر، فما أفدح خطوب مودي ومشروعاته في إنشاء العداوة والبغض بين الدولتين بغير نظر إلى آثارها.
فمن حقوق رئيس وزراء دولة حماية أنفاس بل انتقالات أناسه الذين يعيشون راجين منه التقدمات الرائعة، فبهذا الاطلاع سيشهد الوطن لتنميات وتطورات جزيلة حتى يخرج منه جيل يشم زهرة معطرة.