تعليم اللغة العربية في ولاية كيرالا، الهند

بقلم: د/بهاء الدين محمد جمال الدين الندوي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم ودعا بدعوتهم إلى يوم الجزاء والدين وبعد

فإن من أكثر اللغات انتشارا وأكبرها أهمية من حيث نواحي متعددة اللغة العربية التي هي لغة القرآن ولغة النبي صلى الله عليه وسلم ولغة أهل الجنة كما في الحديث الشريف،

 وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفتخر بكونه أفصح الناس في هذه اللغة كما قال: أنا أفصح العرب[1] وفي رواية أنا أفصح من نطق بالضاد، وقد انتشرت هذه اللغة في شتى أنحاء العالم بسرعة مدهشة نتيجة رحلات الصحابة الدعوية الى مناطق بعيدة في مختلف الأقطار والقارات وبسبب  علاقة المسلمين الوطيدة بها، ومن البلاد التي انتشرت فيها هذه اللغة في وقت مبكر ولاية كيرلا التي تقع في جنوب الهند، وفي هذه المقالة القصيرة أشير إلى بعض الجوانب المهمة المتعلقة بتعليم اللغة العربية وانتشارها  في هذا البلد.

إن كيرالا أصغر من سا ئر الولايات الهندية العظيمة ولكنها  أكبرها شهرة ومنـزلة ورفعة في بلاد العرب تقع في أقصي جنوب الهند، وحدّها الجنوبي كَنْيَا كُمَارِي وحدّها الشرقي تَمِلْنَادْ وحدّها الشمالي كَرْنادَكا وحدّها الغربي البحر العربي ومساحتها المحيطة ثمانية و ثلاثون ألفا وثمانمأة وثلاثة وستون كيلومتر (38863)، دخلها الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على رأي بعض المؤرخين،  وهذا الرأي هو السائغ والمعقول لأن العرب كانوا يتاجرون مع هذه المناطق منذ ما قبل البعثة بمئات من السنين فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم  بالإسلام اعتنقوه وجاؤوا في  الموسم التالي الى كيرالا  تاجرين مسلمين ولكن بداية الدعوة واظهار دعاية الإسلام فيها اختلاف بين المؤرخين، يقول زين الدين المخدوم الصغير في كتابه تحفة المجاهدين: إن غالب الظن أنه كان بعد المائتين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية[2]. ويرجح رأي أن الإسلام دخلها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حديث أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أهدى ملك الهند إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم جرة فيها زنجبيل فأطعم أصحابه قطعة قطعة و أطعمني منها قطعة[3].

وهناك كثير من الأدلة التاريخية على أن كيرلا كانت لها علاقة عميقة بالعرب منذ قديم الزمان، ونتيجة هذا الاحتكاك والتبادل اللغوي أخذ الناس يتعلمون هذه اللغة الحبيبة على الطرق الرسمية وغير الرسمية، وجدير بالذكر الدور الذي لعبتها مجموعة من العلماء من الأسر المختلفة  والمجالات المتنوعة كقضاة كاليكوت وأسرة المخاديم الفنانيين وعلماء سمستا كيرلا جمعية العلماء أعني جمعية العلماء لعموم كيرلا.

الدروس المسجدية

لما جاء مالك بن دينار وأصحابه في هذه المناطق مستهدفين القيام بالدعوة الإسلامية بنوا في كيرلا مساجد كثيرة كمسجد كاسركوت وماداي وشاليم وكدنكلور وكولم وغيرها، وكانت هذه المساجد وغيرها قد لعبت دورا رياديا في إثراء اللغة العربية ونشرها وتعليمها، ومن أقدم المساجد التي أقيم فيها الدرس المسجد التوتُّنْكلي[4] في مدينة فنان الذي بناه الشيخ القطب فريد الدين بن الشيخ عز الدين الأجودهني الهندي المتوفى سنة 666 هـ[5] ومسجد ساحل البركة الكبرى[6] في مدينة تانور وفيه مكتبة تضم مئات المخطوطات للكتب القديمة وأقدم مخطوط فيه  كتاب التنبيه في الفقه الشافعي للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشيرازي، قد كُتب في واجهة المخطوط: وُقف هذا الكتاب سنة 675هـ وواقفه محمد بن عبد الله الحضرمي الشافعي مذهبا والقادري مشربا والأزهري تعلما، وكتب تحته: قد كتبه الفقير محمد بن عبد الله الحضرمي حين كان مدرسا ومفتيا في مسجد ساحل البركة الكبرى بتانور، وكانت الدروس أيضا جارية في مسجد شاليم ومسجد المُتْشوندي ومسجد كُوتي شِرا في مدينة كاليكوت ثم بعدها انتشرت هذه الدروس في أكثر المساجد في بلاد كيرلا.

وكان مئات الطلبة يأتون إلى تلك المساجد ويتعلمون العلم من الأستاذ المعين، وكان قيامهم في المسجد نفسه وأما طعامهم فكان من بيوت سكان المدينة التي يقع فيها المسجد، وأما المنهج التعليمي فكان يضم كتب الفقه والتفسير والحديث وعلوم اللغة العربية من الصرف والنحو والمعاني والبديع  وغيرها، ففي اللغة يدرَّس كتاب الميزان في الصرف ثم كتاب الأجناس الصغرى ثم الأجناس الكبرى ثم التصريف العزي المعروف بزنجان ثم كتاب العوامل ثم تقويم اللسان ثم التحفة الوردية ثم قطر الندى وهكذا حتى ألفية ابن مالك رحمه الله[7]، وهذا يدل على أن كتب النحو والصرف واللغة والبلاغة  كانت لها أهمية بالغة في هذا المنهج.

قضاة كاليكوت

هؤلاء القضاة كانت لهم الكلمة الأولى والأخرى في نواحي كاليكوت منذ ظهور الإسلام في كيرلا، ولكن لم يدون تاريخ الأوائل منهم، وإنما الذي وصل إلينا التاريخ من عهد القاضي فخر الدين عثمان[8]، ومن أشهرهم القاضي رمضان الشالياتي والقاضي فخر الدين أبوبكر الكاليكوتي الذي كان أستاذا للشيخ زين المخدوم الكبير الفناني صاحب التصانيف المشهورة، والقاضي محمد بن عبد العزيز صاحب محيي الدين مَالَـا[9] والقاضي أبوبكر الصغير المعروف بالقاضي أبوبكر كُنْج[10]، والقاضي فخر الدين أبوبكر المذكور هو الذي أسس منهجا تعليميا خاصا بدروس المساجد وهذا المنهج يعرف بالسلسلة الفخرية، وقد لعبت هذه السلسلة في نشر اللغة العربية والعلوم الإسلامية في كيرلا دورا بارزا، والقاضي محمد بن عبد العزيز الأول قد نظم كثيرا من الكتب النحوية والصرفية بغية تعيلم اللغة العربية وقواعدها للنشئ الجديد عن ظهر القلب ومن أهم تصانيفه في هذا المجال: 1- نظم قطر الندى 2- نظم الأجناس الذي هو كتاب مشهور في الصرف ألفه الشيخ محمد لبّا بن صدقة الله القاهري المتوفى سنة 1130هـ 3- نظم العوامل للشيخ الإمام عبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة 471هـ[11]، وكان مركز هؤلاء القضاة جامع كاليكوت الواقع في مدينة كوتي شرا.

 

 

أسرة المخاديم

كان لأسرة المخاديم دور رئيسي في نشر الإسلام  واللغة العربية والعلوم الإسلامية في كيرلا، وهذه الأسرة ينتمى نسبهم إلى الشيخ أحمد المعبري المخدوم الذي جاء إلى كيرلا من معبر الواقع جنوب قاهرفطن من ولاية تملنادو الهندية  تجاه شري لنكا، والشيخ أحمد المذكور جاء إلى كوشن من كيرلا وولد له الشيخ علي وولد للشيخ علي الشيخ زين الدين المخدوم الكبير الذي انتقل فيما بعد إلى مدينة فنان[12] ومنذ ذلك الحين صارت فنان كعبة العلوم والفنون وعلوم اللغة العربية بالخصوص يقصدها القاصي والداني ولقبت بمكة مليبار، وقد أنجبت أسرة المخاديم كثيرا من العلماء الذين قاموا بنشر العلوم المختلفة ومن بينها اللغة العربية التي نحن بصدد البحث عنها، فالشيخ زين الدين بن علي المخدوم الكبير قد ألف شروحا لكتب النحو منها شرحه لكافية ابن الحاجب وشرحه لتحفة عمر بن الوردي وشرحه لألفية ابن مالك ولم يوفق لإكماله ثم أكمله الشيخ عبد العزيز المعبري[13]، والشيخ عثمان بن جمال الدين ختن الشيخ زين الدين بن علي قام بشرح قطر الندى لابن هشام في النحو[14]، وقد قام الشيخ عبد العزيز المخدوم بن عبد الله المعبري المتوفى سنة 1322هـ بنظم التصريف العزي في فن الصرف باسم عمدة التعريف وله أيضا البهجة السنية في البلاغة[15]، وصنف الشيخ محمد بن علي التُّنَّمِي الدار الفناني المتوفى سنة 1343هـ حاشية جليلة على شرح تحفة ابن الوردي، صنفه سنة 1322هـ وطبع في مطبعة منبع الهداية بمدينة فنان سنة 1324هـ[16].

وهذه نبذة يسيرة من خدمات أسرة المخاديم في مجال تعليم  اللغة العربية ونشرها والتأليف في مختلف علومها ، وأما شروحهم لألفية ابن مالك وتحفة ابن الوردي متداولة في الدروس المسجدية طول كيرالا حتى إلى يومنا  وقد لعبت تلك الشروح دورا هاما في تعليم لغة الضاد وفي ترسيخ قواعد اللغة في قلوب الطالبين والطالبات.

 

عصر ما بعد الشالِلَكَتِّي

كان التعليم في كيرلا جاريا في المساجد والبيوت منذ قديم الزمان، ثم نُقل إلى الأبنية الخاصة باسم المدارس أو الكليات وبشيئ من التجديدات والتطويرات ، وكان مؤسس هذا المنهج الجديد هو الشيخ أحيمد الحاج الشاللكتي المتوفى سنة 1338هـ/1919م. وهو المعروف في ديار كيرلا باسم شاللكت كُنْجْ أحمد الحاج ولفظ ‘كنج’ يستعمل للتصغير في اللغة المليالمية، حتى إن المؤرخين قسموا عصر التعليم الديني في كيرلا إلى عصرين عصر ماقبل الشاللكتي وعصر ما بعده، وبخدماته التجديدية قد تغير أسلوب التعليم والتعلم، وكان رحمه الله قد استفاد من الأساليب الجدد مع الحفاظ على القيم القديمة، وقد أدرج في منهجه التعليمي كثيرا من الكتب المتعلقة بالنحو والصرف والبلاغة واللغة ومن مصنفاته المتعلقة باللغة كتاب الصرف وكتاب النحو وكتاب النحو الكبير وكتاب اللغة العربية[17].

جمعية العلماء لعموم كيرالا

جمعية العلماء لعموم كيرلا المعروفة باسم ‘سَمَسْتا كيرلا جمعية العلماء’ أسست في 26 يونيو سنة 1926م. تحت رئاسة السيد عبد الرحمن باعلوي مُلّا كويا تنغل، وكان الشيخ أحمد مسليار البانكي المتوفى سنة 1365هـ والشيخ أبو الحق محمد عبد الباري الوالَكُّلمي المتوفى سنة 1385هـ من طليعة العلماء الذي أسسوا هذه الجمعية التي كان لها أثر بالغ في ترقية مسلمي كيرلا تعليميا وثقافيا[18]، والشيخ أحمد كوتي مسليار البانكي قد خدم خدمة جليلة لجمعية العلماء سنين بيراعه ولسانه ليلا ونهارا مع سهر الليالي وقد أصدر مجلة علمية دينية على إشراف جمعية العلماء وكان محرّرها ومديرها تسمّي بـ “البيان” جرت سنين كثيرة ثم وقفت بعد وفاة المرحوم وله مؤلفات كثيرة ورسائل نافعة مفيدة تبلغ قرابة خمسة وعشرين مصنفا، والمصنفات التي تتعلق باللغة منها هي: 1- البيان الشافي في علمي العروض والقوافي  2-نظم علاقات المجاز المرسل 3- إبراز المهمل شرح علاقات المرسل[19].

وفي سنة 1951 شكلت تحت إشراف الجمعية وعلمائها لجنة خاصة بالتعليم باسم لجنة تعليم الدين الإسلامي لعموم كيرلا[20]، وتحت هذه اللجنة آلاف من المدارس في داخل كيرلا وخارجها، وقد أعدت منهجا خاصا لتعليم الأطفال الأمور التي تهمهم من الفقه والعقيدة والأخلاق والتاريخ الإسلامي واللغة العربية من حيث انها لغة القرآن والشريعة الإسلامية ، وهي تولي اهتماما بالغا للغة العربية حيث إن الكتب الدراسي معدة في اللغة العربية منذ المرحلة الإبتدائية إلى  العالية، وهناك سلسلة خاصة بتعليم اللغة العربية باسم سلسلة لسان القرآن، وهذه السلسلة تساعد الطلاب على تعلم اللغة العربية وأساليبها واستعمالاتها تدريجا تدريجا، ولا شك أن هذه السلسلة قد أتت بنتيجة إيجابية في تفهيم الأطفال أسس اللغة العربية.

الكليات والجامعات

وفي ولاية كيرالا مئات من الكليات الإسلامية والحكومية تبذل جهودا محمودة في سبيل ترقية اللغة العربية ونشرها، حيث ان اللغة العربية مضمنة في جميع المراحل من الإبتدائية إلى الثانوية العليا حتى في المدارس الحكومية للطلاب الراغبين، وكذلك في مستوى التعليم العالي هناك كثير من الكليات التي أدخلت في منهجها الدراسي اللغة العربية في درجة البكالوريوس أو الماجستير مثل الكلية الحكومية في كاسركوت وكلية الفاروق في مدينة فاروق وكلية أيم إي أيس في منفاد وكلية مهاراجاس في إرناكلم وكلية الجامعة في ترفاندرم وغيرها[21]، وقد حاز الدكتوراه في اللغة العربية كثير من الباحثين من جامعة كاليكوت منذ 1974م.[22].

وأما في المستوى الديني فهناك كثير من الكليات الإسلامية التي تقوم بنشر اللغة العربية وتعليمها منذ المراحل الابتدائية ككليات الجامعة النورية وسلسلة كلية الوافي بمقرها في ولانجيري وكلية الرحمانية بمدينة كدميري وجامعة دار السلام بنندي وغيرها، ومن أهم تلك الجامعات الإسلامية جامعة دار الهدى الإسلامية.

 

 

جامعة دار الهدى الإسلامية

تم تأسيس هذا المنبر التعليمي عام 1986م/1406هـ ومن ثم تم تطويره إلى جامعة إسلامية  أهلية في مايو عام 2009م، والجامعة ترى في خريجها عالما إسلاميا ذا قدرة على العودة إلى المراجع الدينية الزاخرة في فروع المعارف الإسلامية والتي وضعها علماء موهوبون خلال القرون الماضية، والمنهج الدراسي للجامعة يولي اهتماما بالغا للغة العربية في جميع مراحلها: الثانوية والثانوية العليا والعالية والعليا، وهو يشتمل على النحو والصرف وعلم البيان والمعاني والبديع والعروض والقوافي  والانشاء العربي والترجمة والتعريب وتاريخ الأدب العربي منذ العصر الجاهلي إلى عصر النهضة الجديدة والنقد العربي وغيرها من الفنون العربية إضافة إلى أن أكثر الكتب المضمنة في المنهج هي باللسان العربي، فالطالب خلال فترته الدراسية التي تستغرق اثني عشر عاما يدرس النحو الواضح والبلاغة الواضحة والخلاصة الألفية لابن مالك مع بعض الشروح ومختصر المعاني والقراءة الراشدة والقراءة الرشيدة وقصص النبيين وغيرها، وهناك موضوع خاص لترقية قدرات الطالب في اللغة العربية باسم الإنشاء والترجمة (Translation and Composition) يشتمل على المواد التي يحتاج إليها من يريد التعمق في اللغة كتركيب الجمل وترجمتها وترجمة الفقر القصيرة وكتابة الأقاصيص والمقالات القصيرة وفهم المقالات من القراءة والأمثال والمحاورات والرسائل والأخبار الصحفية وترجمتها وتركيب الملصقات وترجمتها والمناقشات العلمية وترتيب البيانات الشخصية والمقابلات الصحفية وتقرير الأحداث والوقائع وغيرها، وقد عُيّنت في المنهج الدراسي كتب عربية للمطالعة خاصة يطالعها الطلاب بمساعدة الأساتذة ويجري فيها الامتحان ككتاب ما لا عين رأت للسيد محمد بن علوي المالكي الحسني وكتاب صور من حياة الصحابة لعبد الرحمان رأفت الباشا والأجنحة المتكسرة لخليل جبران وأميرة الجبل لنجيب كيلاني وسلوى في مهب الريح لمحمود تيمور وماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين لأبي الحسن الندوي وغيرها.

 

 

 

دور الأزهريين

قد ارتحل بعض العلماء إلى جامعة الأزهر وتعرف على الثقافة العربية ومارس أساليب اللغة العربية الفصيحة وقاموا بخدمات جليلة في هذا الميدان منهم أبو الصباح أحمد المولوي مؤسس كلية روضة العلوم العربية في فاروق والدكتور محيي الدين الآلوائي والسيد عبد الرحمن العيدروسي، وقد صنف محيي الدين الآلوائي مصنفات مثل القضايا الإنسانية وأدب الهند المعاصر والدعوة الإسلامية وتطورها في شبه القارة الهندية وغيرها، وأما السيد عبد الرحمن العيدروسي الأزهري فكان أستاذا في ليبيا والمملكة العربية السعودية وصنف مصنفات قيمة، وكتابه العرب والعربية وتاريخ النحو وتطوره خدمتان جليلتان في ميدان اللغة العربية[23].

دور الصحافة والمجلات

لا شك أن المجلات العربية الصادرة من الجامعات ودور العلم في كيرلا قد أثرت تأثيرا بالغا في ترقية اللغة العربية وتعميمها وانتشارها حيث إن طلاب الكليات الإسلامية يقرؤونها لترقية مواهبهم وقدراتهم في ميدان اللغة العربية، ويظهر من الملاحظات أن هذه المجلات نتيجة لرسائل قلمية تنشر من الكليات العربية، فمثلا تصدر تحت جمعية الهدى الطلابية بجامعة دار الهدى الإسلامية تشماد مجلة الهدى كل شهر، وهي مجلة قلمية تستهدف إبراز قدرة الطالب في ميدان التحرير والصحافة.

وقد بزغت الصحافة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، فأول مجلة عربية في كيرالا إنها مجلة ‘البشرى’ صدرت في عام 1963 م، أسسها المولوي محمد ك . ب . ولكن-للأسف- توقف إصدارها بعد سنة من نشأته ( عام 1964) ، ثم استأنف إصدارها تحت رعاية اتحاد معلمي العربية لولاية كيرالا صدرت في سنة 1967. وكانت هناك مجلة باسم الهادي أيضا تحت إشراف لجنة منشئي العربية لولاية كيرلا صدرت  في سنة 1972. ومن بين المجلات المشهورة مجلة الثقافة في شهر أكتوبر سنة 1996 ومجلة الريحان في عام 2004 ومجلة الصلاح في عام [24]2005.

ثم في 2006 ظهرت المجلات المشهورة كمجلة الجامعة من كلية الجامعة الإسلامية بشاندابورام، ومجلة النهضة التي تصدر عن جمعية الهداية الطلابية في كلية سبيل الهداية بفارافور والتي حصلت على الرقم التسلسلي المعياري الدولي برقم:  ISSN2319-8060 في 9 نوفمبر بعد أن تمت سبع سنوات على إصدارها، وقد عنيت النهضة عناية لا يستهان بها بكل ما يتصل بالثقافة الإسلامية والدعوة الإيمانية في عمرها القصير، فقد أفردت صفحات للفقه ووعي القرآن والحديث والتاريخ والاستطلاعات والحوارات والتمحيصات والتفحيصات القيمة واللقطات الأخبارية وواحة الأطفال التي تتناول الحكم والأمثال السائرة ولغز الجداول وبعض مناحي الأدب العربي بما أثلج صدر القارئ وجعله يتنقل في صفحات المجلة من فن إلى فن ملون، وامتازت من بين المجلات العربية الأخرى والدوريات المرموقة والإصدارات المنوعة فصلية كانت أو شهرية داخل الهند وخارجها، وقد تولى منصب مديرها العام فضيلة السيد منور علي شهاب في 19 نوفمبر 2012.

ومن المجلات العربية في كيرلا مجلة كاليكوت والتي أصدرها قسم اللغة العربية بجامعة كاليكوت. ومجلة العاصمة من ترفاندرم  ومجلة المداد من دار الحسنات بكنادي فارمبا بمقاطعة كنّور. ومجلة العاصمة هذه بدأت في نوفمبر 2009 ذي القعدة 1430 يصدرها قسم العربية كلية الجامعة بجامعة كيرالا ترفاندرم، ورئيس تحريرها الأستاذ زين الدين، وهي مجلة سنوية عربية أدبية بحثية تهتم بنشر الدراسات والبحوث والإسهامات النقدية المتعلقة بالعربية وآدابها المختلفة، وقد أصدر عددها الثاني في ديسمبر 2010 مع مقالات قيمة حول اللغة العربية ونقدها وانتشارها. على كل حال إن هذه المجلات الشهرية والفصلية وغيرها نتيجة لجهود فعالة قام بها محبو اللغة العربية في كيرلا.

دور الشعراء

وهناك كثير من العلماء الذين خدموا اللغة العربية بذوقهم الشعري فألفوا قصائد في المناقب والمدائح والمراثي إضافة إلى المواليد ومن أشهرهم بعد المخدومين الأول والثاني القاضي محمد بن عبد العزيز والقاضي عمر البلنكوتي والقاضي محيي الدين الكاليكوتي والشيخ عبد القادر الفضفري والشيخ محمد أبو الكمال الكاديري والشيخ أحمد الشعراني ومحمد الفلكي الجمالي وأبو ليلى محمد بن ميران والشيخ عبد الرحمن الأريكلي رحمهم الله، وهناك من المعاصرين شعراء بارزون في الشعر العربي كالشيخ أنور عبد الله الفضفري والفاضل علوي كوتي الكوتوري وغيرهما.

ومن أهم مؤلفات علماء كيرلا وأشهرها في فن الشعر كتاب جواهر الأشعار للشيخ عبد القادر بن يوسف الفضفري وقد أتى فيه بالعجب العجاب وبكل ما يستطاب كما أن من أشهر القصائد لشعراء كيرلا كتاب هداية الأذكياء وكتاب تحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان كلاهما للشيخ زين الدين المخدوم الأول والقصيدة المعروفة بـ‘صلى الإله’ وقصيدة نفائس الدرر كلاهما للقاضي عمر البلنكوتي والفتح المبين للقاضي محمد بن عبد العزيز الكالكيوتي[25].

استخدام التكنولوجيا في التعليم

ولا يخفى على احد مما قد تحقق في هذا العصر من تغير هائل في ميدان التعليم حيث إن شبكة الاتصالات قد صارت مرجعا هاما للعلوم، فلا بد أن نستفيد منها في التعلم والتعليم، ومن المدهش في ميدان العلم أنه قد ترقى إلى حد أن قرصا صغيرا صار بحيث يضم عشرات الآلاف من الكتب بما فيه من سهولة البحث والتحقيق، فيستطيع المعلم أن يطلع على جوانب مختلفة لموضوعه بدون ضياع وقت كثير، وكذلك هناك مواقع كثيرة على الانترنت تضم آلافا من الكتب المصورة كالمكتبة الوقفية للكتب المصورة ومكتبة المصطفى الالكترونية وشبكة مشكاة الاسلامية وغيرها، ومع ذلك يستطيع الطالب أن يحاور مشاهير العلماء في الجامعات المختلفة عبر مؤتمر فيديو، فنظرا لأهمية التكنولوجيا في ميدان التعليم قد أسست جامعات مختلفة في كيرلا بما فيها جامعة دار الهدى الإسلامية السابق ذكرها مكتبات رقمية، وتلعب هذه المكتبات الرقمية دورا بارزا في إعداد طالب مثالي قادر على اكتشاف آفاق جديدة للمعرفة. ويستعين بها الطالب في ترقية قدراته اللغوية بأن يقرأ المجلات الإلكترونية والاتصال بمشاهير الشخصيات في المستوى العالمي والإستماع إلى الأخبار وقراءة الصحف اليومية من شتى أنحاء العالم.

 

[1] القسطلاني، أحمد بن محمد، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية الجزء 2 ص. 238 ط. المكتب الإسلامي 1425هـ

[2] زين الدين المخدوم الصغير، تحفة المجاهدين في أخبار البرتغاليين، ص. 29 ط. مكتبة الهدى كاليكوت 1996.

[3] الحاكم، محمد بن عبدالله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين رقم: 7190.

[4] Thottungal Mosque

[5] الأستاذ كي وي عبد الرحمن، نبذة من تاريخ مسلمي مليبار، ص. 23، ط. جماعة خدمة المسلمين في فنان 1998م.

[6] Valiya Kulangara Mosque

[7] دائرة المعارف الإسلامية (مليالم)، دار النشر الإسلامي ج.1 ص. 534

[8] محمد كويا، تاريخ مسلمي كاليكوت (مليالم)، ص. 143، ط. منشورات فوكس كاليكوت 2012م.

[9] منظومة في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني في لغة عربي مليالم

[10] كُنْجْ لفظة مليالمية معناها الصغير

[11] محمد كويا، تاريخ مسلمي كاليكوت (مليالم)، ص. 146، ط. منشورات فوكس كاليكوت 2012م.

[12] النليكوتي، محمد علي بن عبيد الله، أعيان مليالم (مليالم)، ص. 11،12 ط. مكتبة الإرشاد 1997م.

[13] دائرة المعارف الإسلامية (مليالم)، دار النشر الإسلامي، ج.1 ص. 537.

[14] المصدر السابق

[15] المصدر السابق

[16] النليكوتي، محمد علي بن عبيد الله، أعيان مليالم (مليالم)، ص. 19، ط. مكتبة الإرشاد 1997م.

[17] النليكوتي، ص. 112

[18] http://samastha.info/samstha/samastha.html

[19] النليكوتي، ص.137-142

[20] http://samastha.info/samstha/samastha.html

[21] دائرة المعارف الإسلامية، دار النشر الإسلامي ج.1 ص. 535

[22] المصدر السابق

[23] دائرة المعارف الإسلامية، ج.1 ص. 539

[24] المصدر السابق ص.540

[25] محمد ضياء الدين الفيضي، خدمات علماء كيرلا لنشر اللغة العربية، مجلة المداد، فبراير 2013م. ص. 45