لا عنصرية ولا نظام تمييز في الإسلام

هل سمعت يومًا عن: ” الأبارتايد”؟ ما دمت مسلمًا فلن تسمع عنه في دينك أبدًا، بل على النقيض تمامًا ستسمع من يذمه ويحرِّمه ويلفظه… وإن رجعت فسألتني: وما هو ذاك “الأبارتايد”؟ قلت لك: هو نظام قائم على الفصل العنصري بين البشر على أساس لون بشرتهم… وهو النظام الذي طبقته الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من سنة 1948 م، إلى سنة: 1993م، وحكمت به الأغلبية السوداء، حيث قسمت الأفراد إلى سود وبيض وملونين، وقد حُرِم غير البيض من حقوقهم، وأنشأت المستشفيات والمدارس والمرافق الخاصة بالبيض وحدهم ولا يسمح للسود بارتيادها ! فكان أبيض الجلد هو السيد المطاع الآمر الناهي، أما السود فهم العبيد الحقراء الذين يجب عليهم أن يجهدوا لخدمة أسيادهم البيض!.

معا ضد العنصرية

ومن هنا يمكننا تعريف التمييز العنصري بأنه تصنيف الناس والتفرقة بينهم في المعاملة على أساس الجنس أو النوع أو العرق أو اللون أو اللغة… أو على أساس مستواهم الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي… ،وعُرِّف التمييز العنصري أيضًا بأنه: ” الاعتقاد بأن هناك فروقًا وعناصر موروثة بطبائع الناس أو في قدراتهم، وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما، وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعيًا وقانونيًا”، وإن سألتني عن موقف الإسلام في هذا التمييز العنصري، أجبتك: إن الإسلام بريء من هذا التمييز جملة وتفصيلًا ينبذه ويبغضه ويحرِّمه على أتباعه، ولا عجب فإن الإسلام هو الذي جمع بين بلال العبد الحبشي الأسود وبين أبي بكر الحر القرشي الأبيض، إن الإسلام هو الذي آخى بين سلمان الفارسي وصهيب الرومي وأبي ذر الغفاري وأبي عبيدة المهاجري وأبي أيوب الأنصاري…

إن الإسلام هو الذي وضع القاعدة العامة التي تقول: “إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى”.  نعم، إن الإسلام يعلِّم أتباعه أنه لا معيار للمفاضلة بين البشر إلا التقوى والعمل الصالح، الإسلام يعلِّمنا أن المرء لا يتميز عن غيره بوسامة وجهه ولا بقوة جسده ولا بماله وثرواته… وإنما يمكن أن يمتاز على غيره بعمله وبما يحمل في قلبه.

 هذا مقياس الله ومقياس رسوله -صلى الله عليه وسلـم- في التفاضل بين البشر؛ الأكرم هو الأتقى والأصلح عملًا والأنقى قلبًا، ولا مفاضلة بين البشر على أساس النسب أو الغنى أو الفروق الجسدية، فلا تنظروا إلى المظاهر والخصائص الظاهرية؛ فإن المظهر غالبًا ما يخدع، ورب رجل تجله لمظهره وهو لا يساوي في موازين الرجال شيئًا، فآن للناس ألا يلهيهم المظهر عن الجوهر.

وآن للناس -أيضًا- أن يدَعوا التفاخر بمتاع الدنيا الزائل وبأحسابها وأنسابها التافهة، فإن هذا شيء يبغضه الإسلام كان ينبغي أن يموت مع الجاهلية الأولى، فعن ابن عمر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس يوم فتح مكة، فقال: “يا أيها الناس، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب”.

وهذه واقعة حدثت في عهد نبي الله موسى -عليه السلام- تبرز أن التفاخر ليس محرمًا في ديننا فقط، بل في كل دين سماوي قبل أن يحرَّف، ولأن هذا الموضوع حيوي وخطير، ولأن كثيرين من المسلمين -للأسف الشديد- قد وقعوا فيه تمامًا ،ولأن البعض يظنون في نفوسهم -وإن لم يفصحوا- أنهم أفضل من غيرهم…

mansupullur@gmail.com