هُوَ اللَّهُ حَيٌّ مُنْعِمٌ أَوْجَبَ الشُّكْرَا
| | لِآلَائِهِ الْعُظْمَى كَمَا حَرَّمَ الكُفْرَا
|
وَصَلَّى عَلَى الْمُخْتَارِ خَيْرِ الْوَرَى الَّذِي
| | أَتَانَا بِهَدْيٍ مُعْجِزٍ غَيَّرَ الْفِكْرَا
|
أَلَا إِنَّ قَبْضَ الْعِلْمِ قَبْضٌ لِأَهْلِهِ
| | وَإِنْ تَمَّ رَفْعُ الْعِلْمِ يَجْنِ الْوَرَى شَرَّا
|
وَلَوْلَا هُدَاةُ الْقَوْمِ يَسْعَوْنَ بِالْهُدَى
| | لَمَا قَامَ إِنْسَانٌ بِخِدْمَاتِهِ الْغَرَّا
|
فَنَرْجُو لَهُمْ طُولَ الْحَيَاةِ لِأَنَّهُمْ
| | بُدُورُ الدُّجَى تُعْطِي لَنَا النَّظْرَ وَالْبُشْرَى
|
وَيَدْعُو لَهُمْ بِالْخَيْرِ مَنْ كَانَ سَاكِنًا
| | عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى الْحُوتُ يَرْجُو لَهُمْ خَيْرًا
|
فِرَاقُ الْأُولَى كَانُوا هُدَاةً كَثُلْمَةٍ
| | لِدِينِ الْهُدَى، مَنْ يَجْبُرُ الْكَسْرَ وَالْخَسْرَا؟
|
نَأَى مِنْ نُجُومِ الْأَرْضِ نَجْمٌ مُنَوَّرٌ
| | بِهِ كَانَ نَشْرُ الْعِلْمِ فِي دَارِنَا جَهْرًا
|
هُوَ الشَّيْخُ مُوسَى مِنْ كِرَامٍ أَفَاضِلِ
| | زَعِيمٌ وَمِقْدَامٌ أَبَى الْفِسْقَ وَالْجَوْرَا
|
تَقِيٌّ نَقِيٌّ ذُو وَقَارٍ وَمُكْرَمٌ
| | شُجَاعٌ كَثِيرُ الْعِلْمِ أَكْرِمْ بِهِ ذِكْرًا
|
رَئِيسُ مُهِمٌّ فِي لِجَانٍ تَشَرَّفَتْ
| | بِهِ كَانَ عُضْوًا مَاهِرًا مَجْلِسَ الشُّورَى
|
بَكَتْهُ عُيُونُ الْقَوْمِ حُزْنًا وَحَيْرَةً
| | لِمَا فُوجِئُوا طُرًّا بِنَعْيٍ أَتَى فَجْرًا
|
وَلَمَّا فَشَى فِي النَّاسِ نَعْيٌ إِذَاهُمُ
| | إِلَى بَيْتِهِ سَارُوا وَصَلَّوْا لَهُ فَوْرًا
|
إِلَى أُسْرَةِ الْمَخْدُومِ أُمًّا وَوَالِدًا
| | نَسِيبٌ وَمَجْدُ الْأَصْلِ أَوْلَى لَهُ فَخْرًا(1)
|
وَلَكِنْ رَأَيْنَا الشَّيْخَ يَمْشِي تَوَاضُعًا
| | كَعَبْدٍ وَلَمْ يُظْهِرْ رِيَاءً وَلَا كِبْرًا
|
وَكَانَ يُدِيمُ الزَّرْعَ فِي الْحَقْلِ حَارِثًا
| | وَلَمْ يَنْسَ فِي الدُّنْيَا نَصِيبًا مَعَ الْأُخْرَى(2)
|
وَأَعْظِمْ بِهِ إِذْ يَغْرِسُ الْعِلْمَ مَسْجِدًا
| | وَيَأْتِي بِبَذْرِ الْحَبِّ فِي حَقْلِهِ بَذْرًا
|
تَرَبَّى عَلَى رُشْدٍ وَعِلْمٍ مُثَابِرًا
| | عَلَى الدَّرْسِ تَحْتَ الْأَتْقِيَا أَصْبَحَ الْحِبْرَا(3)
|
وَمِنْهُمْ زَعِيمُ الْقَوْمِ ك.سِي مُحَقِّقًا
| | فُنُونًا كَثِيرُ الْجُودِ فِي دَرْسِهِ الدُّرَّا
|
وَبَعْدَ التَّرَوِّي مِنْ شُيُوخٍ أَتَى إِلَى
| | مَقَرِّ الْهُدَى نُورِيّةٍ قَلْعَةٍ كُبْرَى
|
تَلَقَّى عُلُومًا مِنْ كِبَارٍ كَشَمْسِهَا
| | وَكُوتُومَلَا الْأُسْتَاذِ كُلًّا رَأَى بَحْرًا(4)
|
أَجَازُوهُ بِالْإِفْتَاءِ وَالدَّرْسِ مُسْنَدًا
| | إِلَى الْمُصْطَفَى بَعْدَ السَّمَاعِ لَهُمْ سِفْرًا
|
إِلَى مِثْلِهِ كَانَتْ “مُدِكُّودُ” تَرْتَجِي
| | فَوَلَّاهُ تَدْرِيسًا بِهَا أَهْلُهَا دَهْرًا
|
وَهَذَا قَبُولٌ مِنْ مَحَلٍّ تَرَعْرَعَ
| | بِهِ الشَّيْخُ بَيْنَ الْأَهْلِ يَكْفِي بِهِ ذِكْرًا
|
قَضَى عُمْرَهُ فِي الدَّرْسِ خَمْسِينَ حِقْبَةً
| | بِشَتَّى مَحَالٍّ يَنْشُرُ الْخَيْرَ وَالْبِرَّا(5)
|
وَمَا زَالَ عَزْمُ الشَّيْخِ يَجْنِي ثِمَارَهُ
| | لِدَفْعِ الْعِدَى فِي الْأَخْذِ بِالسُّنَّةِ الْغَرَّا
|
وَمِنْ حُسْنِ حَظِّ الشَّيْخِ أَصْحَابُهُ الْأُولَى
| | تَلَقَّوْا عُلُومًا، مُصْطَفَى مِنْهُمُو أَحْرَى(6)
|
وَأَوْلَادُهُ يَقْفُونَهُ فِي صَلَاحِهِ
| | كَأَصْهَارِهِ فِي نَصْرِ دِينِ الْهُدَى نَصْرَا
|
وَوَافَاهُ قَدْرُ اللَّهِ بِالْمَوْتِ لَيْلَةً
| | لِيَوْمِ الثُّلَاثَا تَمَّ إِقْبَارُهُ عَصْرًا(7)
|
فَيَا رَبِّ أَفْرِغْ رَحْمَةً مِنْكَ دَائِمًا
| | عَلَى الشَّيْخِ مُوسَى وَارْفَعِ الشَّأْنَ وَالْقَدْرَا
|
وَسَلِّمْ عَنِ الْآفَاتِ مَنْ كَانَ قَارِئًا
| | لِهَذَا الرِّثَا وَاغْفِرْ عَنِ الْكَاتِبِ الْوِزْرَا
|
وَصَلِّ عَلَى الْهَادِي وَآلٍ وَصَحْبِهِ
| | وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ كُلَّ حِينٍ كَذَا تَتْرَى
|