(ستالين) الجزار الأكبر في تاريخ البشرية

جوزيف ستالين: ديكتاتور حكم الاتحاد السوفيتي لأكثر من عقدين من الزمان،أرادته أمه أن يصبح رجل دين فأسّس نظاماً يحارب الأديان، عرفت بلاده في ظله أقسى أنواع  البطش والقتل. قام بقمع وتصفية رفاقه في النضال وخصومه ومنافسيه السياسيين وضحّى بملايين الأرواح البريئة من أجل ترسيخ نظامه الاستبدادي الديكتاتوري المجرم.

طفولة معقدة:

وُلِدَ “يوسف (فيسَّارينوفيتش دزوجاشفيلي/ Iosif Vissarionovich Dzhugashvil) في18 ديسمبر/كانون الأول 1879، في مدينة غوري الروسية بجورجيا، وعُرف فيما بعد باسم جوزيف ستالين.

ينتمي ستالين إلى أسرة فقيرة جداً، فوالده (بيسو/ Pesso) كان يعمل إسكافياً (تصليح أحذية)، وأمّه كانت فلاحة تدعى (إيكاترينا/ Ekaterina). هو الولد الثالث والوحيد للعائلة، بعد وفاة شقيقيه مرضاً في مرحلة الطفولة.

كان “بيسو” يعاقر الخمر، ويضرب ستالين بقسوة في طفولته، ما ترك أثراً كبيراً على شخصية الطفل، واستمر وضع الوالد بالتدهور حتى ترك عائلته ورحل، وأصبحت أم ستالين بلا معيل.

المرحلة التعليمية:

أنهى ستالين دراسته الابتدائية ثم أرسلته أمه إلى المدرسة الروسية المسيحية الأرثوذوكسية في مدينة “تفليس” لدراسة الدين المسيحي. لم يُكمّل الطفل ستالين دراسته حيث طُرد من المدرسة لغيابه المتكرر وتأخّره عن مواعيد الامتحانات.

ستالين والماركسية:

اهتم ستالين بقراءة الكتب، واختار في قراءاته كتباً غير تلك التي كانت تختارها له  أمّه، فركّز على الروايات المحظورة والكتب الثورية، بما فيها الماركسية التي وافقت ميوله للثورة والتمرّد على نظام المجتمع، واهتمَّ بكتابات فلاديمير لينين وكارل ماركس.

الحياة العملية:

لم يهتم ستالين بالوظائف والعمل، نظراً لطموحاته السياسية، لكنّه عمل في بداية حياته كاتباً بمركز الأرصاد الجوية في “تفليس”.

صعوده للسلطة:

في أغسطس/آب 1898 التحق بحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي وأصبح أحد الناشطين البارزين فيه، حيث بدأت مرحلة صعوده إلى السلطة.

لعب ستالين دوراً حاسماً في الثورة البلشفية عام 1917، وقاتل في عدة مناطق من البلاد، وقاد الفرق البلشفية في الهجوم على مقرّ الحكومة، فتمّ اقتحام المقر واعتقال مجلس الوزراء، واستولى البلاشفة على السلطة.

بعد مرض (فلاديمير لينين/ Vladimir Lenin) احتلّ ستالين مكانة بارزة في الحزب الشيوعي بتوليه مناصب عدة بدءاً من السكرتير العام للحزب وصولاً إلى الأمين العام  سنة 1922، وهنا بدأ بالعمل على أن تمكين سطوته داخل الحزب  وتمتعه بنفوذ واسع، ما أثار قلق لينين.

الإطاحة بالجميع (التصفيات):

بعد موت «لينين» في يناير 1924، تألّفت الحكومة من الثلاثي: ستالين، وكامينيف/ Kamenev، و زينوفيف/ Zinoviev، وفي فترة الحكومة الثلاثية، نبذ ستالين فكرة الثورة العالمية الشيوعية لصالح الاشتراكية المحلية مما ناقض مبادئ «تروتسكي» المنادية بالشيوعية العالمية.

تآمر الثلاثة على إبعاد «تروتسكي» رغم أنّه الأحقّ من الجميع في تولي السلطة حيث أبعدوه عن الرئاسة بالفتن والادعاءات ضدّه والزعم أنه خرج عن المبادئ الماركسية، (وفق ما ذكرت المصادر).

انقلب «ستالين» سنة 1928 على الثنائي كامينيفو و زينوفيف، وأصبح القائد الأوحد بعدما كانت الحكومة ثلاثية الأقطاب.

بعد تولي ستالين للسلطة تخلّص من جميع منافسيه من أعضاء الحزب بالقتل أو السجن وقام بنشر الشيوعية في العالم آملاً أن يكون زعيماً ديكتاتورياً للشيوعية العالمية.

الترحيل القسري:

  • في عهده عرف الاتحاد السوفييتي نمطاً جديداً من الحكم، يقوم على الأيديولوجية الحزبية والحكم الفردي، حيث عمل ستالين على إبادة أعضاء اللجنة المركزية البلشفية وأعقبها بإبادة كل من يعتنق فكراً مغايراً لفكره أو من يشكّ بمعارضته له، فقتل الآلاف من المواطنين السوفييت وزجَّ بآلاف منهم في السجون وبعد الحرب العالمية الثانية بقليل، قام ستالين بترحيل مليون ونصف المليون سوفييتي لسيبيريا وجمهوريات آسيا الوسطى، بتهمة تعاونهم مع القوات النازية الغازية أو معاداتهم للمبادئ السوفييتية، في حين ذكرت بعض المصادر التاريخية أن سبب الترحيل الجماعي، هو التّطهير العرقي، رغبةً من ستالين في  إيجاد توازن إثني ضمن الجمهوريات السوفييتية.
  • -تم إعدام مليون مواطن روسي بين الأعوام 1935 – 1938 والأعوام 1945 – 1950، وترحيل الملايين قسرياً، وفي الخامس من مارس/أذار 1940 وقع ستالين بنفسه على صكّ إعدام 25.700 ألف من المثقفين البولنديين، منهم 15 ألف من أسرى الحرب، كما قضى على ما يتراوح بين 30 إلى 40 ألف من المساجين، فيما يعرف “بمذبحة المساجين”.
  • يتّفق المؤرّخون على أن ضحايا الإعدامات والإبعاد وكذلك المجاعات السوفييتية، تتأرجح بين 8 إلى 20 مليون قتيل وتقول إحدى التقديرات: إنّ ضحايا ستالين قد يصلون إلى 50 مليوناً!
  • رتّب ستالين لعقد المحاكمات الهزلية في العاصمة موسكو لتكون قدوة لباقي المحاكم السوفييتية؛ فكانت المحاكم الهزلية غطاءاً لتنفيذ أحكام الإبعاد أو الإعدام بحقّ خصومه تحت مظلّة القانون.
  • وبهذا لم يتبقَ من الحزب البلشفي سوى ستالين ووزير خارجيته “مولوتوف” بعد أن أباد ستالين جميع أعضاء اللجنة الأصلية.

المجاعة:

في العام 1929 أطلق ستالين حملة قمع سياسي، شملت اعتقالات وإعدامات وإبعاد لملايين الفلاحين الميسورين في جميع أرجاء الاتحاد السوفياتي. وفي الوقت ذاته اعتمد ستالين نظام المزارع التعاونية الجماعية، فألغى الملكية الخاصة للأراضي وأجبر من تبقى من الفلاحين على العمل في مزارع تديرها وتشرف عليها الدولة.

بعد تفعيل نظام المزارع التعاونية الذي أقره ستالين عصفت المجاعة بأوكرانيا عام 1932، فاحتج الفلاحون على قرار ستالين لكنه رد برفع حصص كميات الحبوب التي فرض على الفلاحيين انتاجها لحساب الحكومة إلى مستويات تعجيزية.

أما الفلاحون الذين قاوموا أو رفضوا الامتثال لأوامر ستالين، فقد اعتقلوا وأرسلوا إلى معسكرات الموت في سيبريا أو دمّرت منازلهم ونكّل بهم وبأفراد أسرهم.

لعلَّ المحزن في عملية الشد والجذب بين حكومة ستالين والفلاحين، فيما يتعلق بالبرنامج الزراعي التعاوني هو نتيجته؛ فقد أجمع الكثير من المؤرّخين أنَّ سبب المجاعة التي ألمّت بالاتحاد السوفييتي بين الأعوام 1932 و1933 هو نحر الفلاحين لمواشيهم احتجاجاً على البرنامج الزراعي.

وفي وقتٍ كان الاتحاد السوفييتي يصدّر فيه ملايين الأطنان من القمح إلى شتى أنحاء العالم قتلت المجاعة حوالي 5 ملايين روسي.

الحرب العالمية الثانية:

كان الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية قد وقعا معاهدة عدم اعتداء عام 1939 ، غير أنه بعد عامين من التوقيع، قام هتلر بغزو الاتحاد السوفييتي خلافاً لتوقعات ستالين. فقد تبيّن أنّ هتلر أراد من المعاهدة كسب الوقت لبناء ترسانته العسكرية وتطويرها من جهة، والتفرد باحتلال أوروبا من جهة ثانية.

تمكّنت جيوش هتلر من تحقيق الانتصارات العسكرية السريعة في بداية غزوهم للاتحاد السوفييتي، نتيجة ضعف خطوط الدفاع السوفييتية، الناتجة عن إعدام ستالين لكثير من جنرالات الجيش الأحمر. تكبّد الاتحاد السوفييتي خسائر بشرية فادحة في الحرب العالمية الثانية، إذ اتبع الألمان سياسة الأرض المحروقة، فكانوا يحرقون القرى السوفييتية عن بكرة أبيها حجراً وبشراً.  وقدّرت خسائر الاتحاد السوفييتي البشرية في الحرب العالمية الثانية بين 21 إلى 28 مليون نسمة.

-قبل أشهر معدودة من نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 شارك ستالين في مؤتمر يالطا مع الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل، وحصل على الاعتراف بمنطقة نفوذ للاتحاد السوفييتي في أوروبا الشرقية، ليصبح الاتحاد السوفياتي واحداً من اللاعبين المركزيين في السياسة الدولية.

في نهاية المطاف اجتاح السوفييت العاصمة الألمانية برلين واندلعت اشتباكات طاحنة بين جيش هتلر وجيش ستالين، وسقطت المدينة.

الحياة الشخصية:

تزوج ستالين عام 1906 من اليهودية (كيتيفانسفانيدز/ Ketevan Svanidze) التي ماتت بمرض السل سنة 1907م أي قبل قيام الثورة بعشر سنوات، وقيل أنه لم يكن يملك المال الكافي لعلاجها، بعد أن أنفق ماله على الحزب.

أنجبت كيتيفانسفانيدز   (ياكوف/ Yakov ) الابن الأكبر لستالين الذي حاول الانتحار ذات مرة ونجا، ثم التحق بالجيش، وتعرض للأسر من القوات الألمانية، ورفض ستالين أن يميزه في تبادل الأسرى، وقُتل في محاولته الهرب من السجن.

عام 1919 تزوّج ستالين مرّة ثانية من (ناديزداأليلويفا/  Nadezhda Alliluyeva)، الشيوعية المتحمّسة وابنة أحد زملائه المقرّبين.

أنجبت له طفلين (ابن، ابنة) هما: (فاسيلي/ Vassily، وسفيتلانا/ Svetlana)، ورغم تعلقها الشديد بطفليها انتحرت بالرصاص بسبب خلافاتها مع ستالين، وتعدد علاقاته العاطفية.

حياة سفيتلانا/ Svetlana (ابنة ستالين):

ولدت سفيتلانا عام 1926 عاشت خلال كل مراحل التطهير التي قام بها والدها داخل البلاد وخلال الحرب العالمية الثانية.
مرت بتجارب مريرة كاختفاء كثيرٍ من أقاربها في معسكرات الاعتقال وانتحار والدتها.
وقعت في الحب للمرة الأولى، وعلم والدها بالأمر فأرسل الشاب الذي أحبته، الكاتب المعروف في ذلك الوقت أليكسي كابلر، إلى معسكرات الاعتقال في سيبريا.
توفي أخوها “ياكوف” (غير الشقيق)، ومات أخوها الشقيق فاسيلي بسبب إدمانه على الكحول قبل يومين من عيد ميلاده الـ41.

عام 1967 هربت سفيتلانا من الاتحاد السوفيتي إلى أمريكا، وتخلت عن أطفالها.

بقيت شخصية والدها وممارساته تطاردها طوال حياتها، مع أنها حاولت أن لا تعيش في ظله، وقالت عنه في مذكراتها ” كان رجلاً بسيطاً جداً، وقحاً جداً وقاسياً جداً. كان يحبني ويريدني أن أصبح ماركسية متعلمة”.

مؤلفاته:

ألف مجموعة من الكتب من بينها: المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، وأسس اللينينية، والماركسية والقضية القومية.

أشهر أقواله:

من يصوتون لا يقرّرون شيئاً، أمّا من يحصون الأصوات فيقرّرون كل شيء.

التعليم سلاح يعتمد تأثيره على من يمسك به وإلى من تم توجيهه.

لا يمكنك إشعال ثورة بقفازات حرير.

عندما نشنق الرأسماليين سيقومون ببيعنا الحبل الذي سنستخدمه.

وفاته:

تدهورت حالة ستالين الصحية في الأول من مارس 1953 خلال مأدبة عشاء

بحضور وزير الداخلية السوفييتي لافرينتيبيريا و”خوروشوف” وآخرين، ليموت بعد أربعة أيام فقط.

تجدر الإشارة إلى أنَّ المذكّرات السياسية لـ “مولوتوف” التي نُشرت في عام 1993 تقول إنّ الوزير “بيريا” تفاخر لـ “مولوتوف” بأنّه عمد إلى دسّ السم لستالين بهدف قتله. في حين ذكرت المصادر الرسمية أنّ وفاته كانت نتيجة جلطة دماغية.

النهاية:

يعد جوزيف ستالين من أكثر الشخصيات جدلاً في التاريخ، إذ يعتقد البعض أنّه بطلٌ أنقذ العالم من الخطر النازي، وقام بنهضة روسيا في كل النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية، في حين يذكره التاريخ أنه كأكثر الديكتاتوريين إجراماً ودموية.