العروة الوثقى

مشرف، كلية سبيل الهداية الإسلامية

يا من تكسر في الخطوب تكسرا
ويسيل كوثره عليها مهدرا

ويمر في صلب الغموم مشردا
متسكعا يرجو الصباح الأبهرا

في وجه هذا الشعر قم لي يا فتى
واجلب إليه سماعك المستشعرا

فلَرُبَّ شعر روحه بنّاءة
تحوي تصوغ من التفائل أسطرا

رغم الوباء ورغم كل جوائح
وبرغم كل اليوم فيك تكشرا

اسمع إلى وحيي فهذا منحة
نبعت على متن المصائب جوهرا

يا صاح عانِق عمق حلمك دائما
وانثر بتربته قواك النيّرا

واجعل لقلبك في المعالي مطلعا
يرنو إلى مجد تبقّى أنضرا

وارسم لوجهك بسمة وبشاشة
لتقوم تخفي من همومك أكثرا

واكتم مدامعك اللتي تأوي إلى
هضبات آلام وتوحش ما ترى

كي تصعد العدوات نحو عزائم
ولكي توسع عمق آفاق الذرا

أما العزيمة إنما هي معدن
لا بد منها كي تكون غضنفرا

فالحلم ما زالت لديه حكاية
تروي البطولة والشموخ الأنورا

راياته تحمي ثغور جلالة
وتحوك من نور الطموح الأقمرا

هذي سموم اليأس وهْي عليلة
لا تزهر الأكمام لن تستمطرا

تذوي مناك فإنما هي مثلما
الشاعر الهندي عنها عبّرا

“واكسر حصار الخوف واليأس الذي
يقضي عليك فكن حساما أحمرا”

إن الشجاع إذا تحلى بالمنا
تلك الثريا قد تخرّ وذا الثرا

وكذا الزمان إذا تحلى بالخنا
يطأ الجبان الهارب المستدبرا

ويدوس من مالوا إلى غدراته
ويبيد منهم أصغرا والأكبرا

فِلم الوقوف أمام حزنك باكيا
وإلى متى يبقى رجائك أبترا؟

وجِّه دعائك للذي سمك السما
واكتب له شكوى فؤادك أبحرا

هو من أجاد لمن تشبث حبله
هو من أعان لمن دعا مستنصرا

هلا سمعت عن الرسول نبينا
رغم العدى ربط التوكل في الحرا

هلا سمعت عن الصحابة إنهم
كانوا جيوش العزم أفخم مظهرا

شقوا عقيم زعازع وتموجوا
ككتائب خاضوا بمجد خيبرا

كانوا رموز شكيمة وإرادة ال
فولاذ أفنوا بالدعاء الأعصرا

نصوا مواثيق المحبة والفدا
وتدافعوا كل الخطوب تصبّرا

قِف بالأعالي والأداني صابرا
لتكون همتك القوية كوثرا

يجري إلى عمق الشجاعة مثلما

تجري السيول الزاخرات تحدُّرا

فالصبر ذاك سفينة جوديّها
دوما قريب الجنب كي أن تمخرا

في حين تمشي عنه عشوائية
ستعوم في عمق العمى متدهورا

يا رب يا من قد تلانا آية
العسر تتلوه الأمور تيسرا

نجِّ القلوب من الجوائح والخنا
واسْقِ اليؤوس نقيع رفقك أنهُرا