بل أحياءٌ ولكن لا تشعرونَ

سي.إتش. كنجين الهدوي ،المشرف العام لمجلة النهضة

                  بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله مشرق الصبح ومغشيه ،يميت الخلق وهو يحييه ، ويضلّ من شاء ومن شاء يهديه والصلاة والسلام على نبي الكون وما فيه وعلى آله وأصحابه الذين التقطوا السنن من خطاه ومن فيه – أما بعد

                  في الزمن الذي نلاقي في ممره ومجراه أبشع أنواع الكذب والافتراءات ويجلب للمؤمنين من أيامهم محنا تلوها فتنا والذي يدفن تحت أنقاض كل هذه الغياهب والعتمات ويُحجب وراء ضبابه تواريخ الأمن والإيمان وحكايا الصبر والإنكسار وأخبار الحصار والإنفجار .

                  نعم إنها قصص مجد قديم نحاول ان ننساها ,يحاول الزمان ان ويشطبها ويمحوها لكنها لا زالت خططا فوق المياه البسيطة، لكنها رغم انقراضها وانقباضها على صفحات غراء من القلوب والكتب المسطرة نائمة ونحن أنوفنا راغمون وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰاتَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ.

                  والذين يحجبون الشمس النهار الباهر برايات السلطة خاسرون لأنها طالعة فوق كلّ جبال الأسرار الغامضة والسياسات الشنيعة والحقائق المعتّمة، إنها الشمس والعلياء لا تحلّ غوامضها ولا تحط ذوائبها صروح فرعون ولا مقنطرات قارون.لا جرم أن الوردة التي تفتحت مبتسمة وشفاه المعشوقة المبهجة سيخلدها الدهر رغم عبوس العيون الحاسدة وتجهم الوجوه الحاقدة.

                   نحن نشاهد في هذه الأيام محاولات الذين يعضون أطراف الخيوط التي طرفاها في التعتيم والأنانية يمتلكون نواصي السياسيات المدلهمة أصبحت كسماء سوداء تبرقع بالغيوم المكفهرة لا شمس فيها تنير الغبراء ولا أسراب طيور باحثين عن الآفاق، يمثلون رئيس الحكومة تشبع بطنها و تقر عينها وراء الوعود الجوفاء التي تسلحوا بها وارتدوا برداء جود الأمنيات والمستحيلات، والناس بين كل هذا حائرون ذاهلون ماثلون لا يعرفون القعود ولا القيام ولا يعلمون القدوم ولا الرجوع يتمشون أينما أشير لهم كثلة أغنام تقودها الرعاة الطغاة، يحاولون ويسعون وراء محو الحقائق وطمس الأوراق المسجلة فالذئاب يختطفون غنما فغنما من وراء الثلة على مجاهل منها وهم يتمشون ليروا بعد الزمان أن الإخوة قد خسف بهم المجاهل والمغافل والمنعرجات والمستدقات.

                  إن الذين يخشون الأموات اي الأحياء الذين يزعمون أنهم أموات حتى يخشونهم وان كانوا تحت أديم التراب، يخشونهم كما يخشون السيوف التي تشرأب على رقابهم المخشبة وإلى أعناقهم المأنثة ،ويضطرون إلى احتراز مستقبلهم بالخوف على ماضينا وإنكار أجدادنا ودماءنا التي بنيت  عليها سياسة العالم الدائمة والتي تغلي ٍفي شرايين الأبناء.

                  إن النقادات التي تشخص أبصارها طوال هذه الأيام نحو الشمس المنبلجة نحو التاريخ اللاحب أجداده وأعداءه لا حل ولا سبيل بديلا من المقاومات الناضجة أفكاره والسائجة أسواره تجاه الشعوذات السياسية رغم ما هو واضح بأن عبوسهم نحو الحقائق والواقع مجرد كراهية وأنانية تنتمي إلى الحقد والحسد لذا تتطاول عيونهم لأية وسيلة معوجة عن الصدق والعدالة بعيدة عن الأمن البشري والمشاعر الطبيعية.

                  فمن فتق خيالات جددا متوقعات من مناهج المتعة التي استهدفوها ومجاهل الملك والجاه التي تمنوها في أقاصي الخيوط التي تمسكوها ,سلكوا الوعور الأوهاد ليبلغوا مبلغها وينالوا منالها وشنوا التهم نحو الواقع وأسدلوا بين الحقائق ليستروها لكن نحن جيل تعلم من أجداده جيدا فيما قالوه : «الحق أبلج والباطل لجلج»  كما قال الكتاب الحكيم : «جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا».

                  كما أن الله تعالى يؤيد أنبياءه بإيحاءه السماوي كلما ذاقوا كؤوس التعاسة اليأس من قبل قومهم وخذلان وشنئانهم كنبينا (ص) اذ نزل الله له « إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر» والرب الذي أرسل الحق لعباده سيبقيه بلا فناء ولا انقراض وهو الذي يحمي دعوته من شنئان العداء وعدوان الجفاء وهو الذي قوى ساقي موسى بلا اهتزاز أمام حبال السحرة وعصيهم كما وثق عهده بكلماته لرسولنا (ص) « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ  مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ  وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ  وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَد».

                  إن الذين وقفوا مناضلين ومرابطين في ثغور هذه الدعوة التي وعد الله ببقاءه ورسم وثاقه بتشييده ,يحيون وان ماتوا تحت سيوف العدا ,يحيون فرعا وجذرا لهذه الدعوة ما حييت وتلك هي الأبدية السرمدية.

                   فلا غيم يحجب ضوء الشمس الضاحية إلا أمطر, ولا يوم ينسي الوردة المبتهجة لوردة أنضر، يا أيها القاتلون أمواتنا وتقولون أنكم الشجعان ونحن ندري أنكم خائفون فلا تظنوا بمن ينهزمون بادئ الحرب أسقاط ، ولَا تَقُولُوا۟ لِمَن یُقۡتَلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَا ٰتُ، بَلۡ أَحۡیَاءٌ وَلٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ.