بقلم رياض الدين الندوي
ما من يوم جديد تطلع شمسه إلا ويصاب فيه المسلمون في شرفهم وكرامتهم وحرماتهم ومقدساتهم في كل بقعة من بقاع الأرض كأنهم أصبحوا في كل مكان غرضا لنابل وأكلة لآكل وفريسة لصائل وإن نصيب المسلمين الهنود من هذه الإصابات والمحن نصيب يعرفه الجميع ومما لا يحتاج إلى ذكر أو بيان أو تفصيل.
الأغلبية والأقلية في الهند بين العرض والنقد
إن الهند اشتملت على أديان مختلفة ومذاهب متنوعة ولغات شتى وقسم أهلها إلى قسمين أغلبية وأقلية اعتباراً على الأديان والمذاهب واللغات، وهذه إحصائيات لأعداد السكان: الهندوسيون ٧٨.٠٨%، والمسلمون ١٤.٠٢%، والنصرانيون ٢.٠٣ وبعدهم السيخيون والبوذيون والجينيون، فتعتبر الهندوسية أغلبية وما عداها أقلية، ما عرفت الهندوسية في تاريخ الهند ديانة مستقلة بل كان الناس ينسبون إلى مذهبهم الذي يقتدون به والهندوسية هي الآرية البرهمية وما نراهم الآن من الهندوسيون أكثرهم قد ضموا إلى قائمتها إجبارا وقهراً وبطشا بعد استقلال الهند لما خاف البراهمة أن تعود الملوكية والقوى السياسية الهندية إلى أيدي المسلمين فأبين ذلك بمثال واضح.
قبل زمن طويل كان في مهاراشترا رجل ذكي فطين اسمه سوامي بشيوند شند إنه أمعن نظره على الكتب المقدسة عند الأديان المختلفة بالبحث العميق وأنكر العبادة للأوثان والأصنام وتأثر بالتعليمات القرآنية والسيرة النبوية، حتى أنشأ له جماعة من الناس باسم لنغايت ثم ازدادت أعداد من اتبعه فكرة وعقيدة عبر العصور والأيام، مازالت هذه الجماعة لنغايت متفردة عن الهندوسية إلى أن استقلت الهند من البراثن الإنجليزية وبعد استقلالها قد ألحقت هذه الطائفة إلى قائمة الهندوسية إجبارا وقهراً ثم قبل مدة قليلة تشرف زعيم تلك الطائفة على مؤتمر هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين الهنود وأخبرهم أن أهل لنغايت طلبوا المقدمة على الحكومة المركزية ستين مرة لإزالة أسمائهم عن قائمة الهندوسية.
لكن الحكومة ما قبلتها حتى الآن وما أزالتها عن قائمتها، كذلك اليوم تعيش طوائف كثيرة في أرض الهند مكتوبة اسماءها في قائمتها لأن البراهمة يريدون أن يكون الناس خاضعين وخانعين تحت أقدامهم ولم تنفذ الحكومة الحالية حقوق الأقلية ولا تكاد أن تحققها في المجتمعات البشرية فأصبحت اليوم الشعوب الأقلية متخلفة عن اللحاق بركب الحضارة والتنمية البشرية في تحصيل العلوم والفنون والوظائف الحكومية حتى عجز أهلها عننيل حقوقهم في الحياة الإنسانية.
الحقيقة أن الحكومة المركزية اليوم بأيدي البراهمة فتهاجم على الشريعة الإسلامية هجمات شديدة وتتدخل في الأحكام الشرعية بالنقد والتحليل وتجري القرارات ضد الإسلام وعقيدته وطالما تريد أن تحقق قانونا عاماً للأحوال الشخصية للهند. الآن كانت تثير بين المسلمين والهنادكة اضطرابات طائفية وثورات طبقية بحظر لحم البقرة وقتل بها المسلمون في أنحاء الهند وذبحوا ونحروا كالنعاج والخراف حتى جاوز عدد القتلى إلى ثلاثين وأكثر ثم تغتصب أموالنا وأعراضنا وتغتصب بناتنا ونسائنا ونحن نرى ذلك بأم أعيننا.. أين الشعور بجراح الأمة؟ أين النصرة لإخواننا؟ قد ماتت الأخوة الإسلامية وتجمد حسنا وشعورنا أمام الأمة المضطهدة أظن مناسبا أن أذكركم حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّ”.
وكذلك قد تلوخت المناهج التعليمية في المدارس العصرية بإدخال العقيدة الوحشية البرهمية، وينشر الآن منهج سي بي أس سي في معظم أنحاء الهند للمناهج الدراسية، منهج سي بي أس سي منهج فاسد ينشر بين الطلبة والطالبات الفوضى والبلبلة عن التاريخ الإسلامي العظيم وإساءة الظن بالملوك المسلمين. ثم المحكمة أيضاً تجبر اليوم المدارس العصرية أن تشغل الطلاب بعمل يوغا وأنشودة وندىماترم والعبادة الشمسية التي تملأ بالشرك والكفر.
هذه هي الظروف الطاغية التي تدور بين طليعتنا وأصبحت الهند ديكتاتورية بعد ما كانت علمانية فهلكت الإنسانية في المجتمع البشري ودفنت تحت أقدام الطغاة القهرة فشاعت اللاإنسانية وعم الفساد في البر والبحر كما قال سبحانه وتعالى “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ“.حاجتنا اليوم إلى استراتيجية جديدة
إن المنظمة الهندوكية قد احتلت الحكومة المركزية بالخداع والغدر واستولت على الشؤون والوظائف التي ترتبط على الحكومة والمحاكمة والسياسة والتجارة وتسيطرت على الأحزاب السياسية ،وسادة المصانع الكبيرة وزعماء الوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية فلا جرأة لأحد من المواطنين لاسيما السياسيين والإعلاميين والصحفيين أن يقابلها ويواجهها بالإشارة إلى جرائمها وشنائعها وإذا تكلم أحد ضدها في المجتمعات فتأتي إليه إدارة التحقيقات بالبحث والتفتيش ثم تقبض أمواله وتعجزه عن القيام والنهضة في حياته، لذا سكتت المنظمات وصمدت الأحزاب عن الكلام والقرار عليها فبهذا تتطلب منا الحياة أن نقوم بحكمة عملية ونأخذ باستراتيجية جديدة ضد هذه الطاغية.