لاح الهلال… وموسم الهجرة لا يزال

لاح الهلال ببسمته الباهرة التي توحي إلى العالم الإسلامي قسمات السلام والقيم والسلوك، وقد بدى نوره محيطا في هالته بمعنيات الإنسانية والمساواة البشرية والحب الساذج، ويستنير بهجة وبهاء حيث يمد نوره على سطح كرة تطلب علاجا ناجعا لمعالجة قضاياها المتراكمة، ولإبادة جذور التفحش والاحتراش من كل نواحي الحياة العالمية، وخاصة بالإسلام والمسلمين، يحل هذا الربيع المبستم متحملا عباءة اليأس وقصص الهوان والاضطهاد في مختلف أطراف الكون وأصقاعه، مصداقا لقول الرسول” تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها”، وقد أصبح الدين لعقة ولقمة على لسان أهله وعياله، وما زال الطغيان تشتد وطأته على العالم الإنساني وتجري مسلسلات التشريد واللجوء من الدول الإسلامية، وكأن الربيع مسرح رواية” موسم الهجرة من الشمال”، وقد استضيف إلى هذا الرصيف عضو جديد، من ميانمر التي تحكي قساوة البوذية وتسلط الضوء على عصبيتهم وطائفيتهم وجسارتهم في التطهير العرقي(ethinic cleansing)، وتبث من عمقها قصصا تندى لها الجبين، من أهول قصص العالم وأرعبها وأبشعها، وقد تجاوزت البوذ رغم دعايتهم في عدم العنف والشراسة، وضحوا عديدا من الأطفال والبنات واغتصبوا أشلاء الفتيات،  ولكن الصمت الرهيب الذي يلتزمه العالم مع الدول العربية يزيدنا حسرة وحيرة، ولم تقم الجرائد والقنوات السائدة في كشف الحقيقة ولم يتهيئوا في هدم الصمت الرهيب المخيف، وقد مرت عقود من الخطر والتشريد في هذه البقعة ومضت حاصدة جائزة نوبيل للسلام أوغسان سوتشي في سبيها ولم توجه أي نظرة رحمة نحو الملايين المضطهدة، وقد سقطت فيها هوية الإسلام ووقعت في مأزق كبير وأعرض عنها العالم العربي على خلاف أخواتها فلسطين وكشمير وشيشان، حيث إن أصحاب العقال العربية والثروة الأبية لم يوجهوا أية لفتة نحو الجالية المكبدة تحت سمع العالم وبصره، ومن جانب آخر، تغشت الأمم المتحدة أطياف المحاباة والتحيز ، وبذلوا أقصى جهدهم في تشويه الحقيقة ووأدها حية، والربيع لم ينتج إلا حكايات الحسرة القاتلة وأصبح خريفا مسردقا في فلق الأمة الإسلامية، ويمر في الحال واقعات اللجوء من جانب وتسري مأساة سوريا بين مطرقة روسيا وسندان أمريكا، ولا تتولد في تربتنا جذيرات تمنح الأمل والطموحات وتسمح لنا بالتطلعات المورقات، والربيع ربيع وإن تغمده آلاف الهموم وهيجه مسلسلات النكبة والكآبة، سيبقى هذا النور موصولا ومفتولا في قلوبنا، وسيظل داعيا إلى الوحدة وتسوية الصفوف، رغم أنف العداة والطغاة والذين ينفخون في تأجيج نار الفتنة والوغى، سيجنهم الزمان ويقتص منهم بدون أي رأفة، وسيقضي على  من أطال رأسه لإطفاء نور الهدى، ومحوه من كرة الأرض المستديرة، حتى يقال ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء.