بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي تفرد بالملك والملكوت وتوحد بالعظمة والجبروت، والذي لا يسهو ولا ينام ولا يموت، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إن سنة الله تعالى جارية في الكون منذ أن خلق الأرض والسماوات، وصوّر الحيوانات والجمادات، فكل حدث يستجد في العالم مرتبط بتلك السنن المحكمة التي لا تتغير ولا تتبدل، وهذه السنن تجري على وفق علمه تعالى وحكمته، ولا تتكيف بأهواء الخلق ورغباتهم، ولا يردها قوي مهما بلغت قوته، ولا تتعجل لمستعجل حتى تبلغ أجلها الذي ضربه الله لها، فله تعالى سنن في السراء والضراء، وسنن في البلاء والابتلاء، وسنن في الظلم والظالمين، وسنن في الطغاة والمتكبرين، وسنن في التدافع بين أهل الحق والباطل.
فمن سنة الله تعالى في الطغاة والجبابرة والظالمين الإمهال والإملاء لهم ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾، ومنها استدراجهم ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَيَعْلَمُون﴾، فيملي للظالمين ويمكن لهم في الأرض، ويفتح عليهم أبواب كل شيء حتى يفرحوا بما أوتوا، ويزين لهم الشيطان أعمالهم، وإذارأى الظالم ما هو عليه من السلطة والتمكن ظن أن لن يقدر عليه أحد، وأن يده فوق كل يد، ونسي سنة الله في الذين ظلموا، وغفل عن سنة الإملاء والاستدراج، ويستبطئ المظلوم هلاك الظالم، وربما يلجأ إلى اليأس والقنوط.
وكم قص لنا القرآن خبر أولئك المتجبرين في الأرض والمتكبرين على وجه الأنبياء والمتمردين على دعوة الحق، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، ونقبوا البلاد وأذلوا العباد، وصدوا عن سبيل الله، واستكبروا في الأرض بغير الحق، وقالوا من أشد منا قوة، وقص لنا خبر من علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وكرر القرآن قصص عاد وثمود وفرعون وهامان وقارون والنمرود وأصحاب الأخدود.
وأحداث التاريخ تعيد نفسها وإن تغير شيء من صورها وملامحها، فقد سار الطغاة والجبابرة على اختلاف الأزمنة والعصور على المسارات التي ذكرها القرآن، فسلكوا مسلكا واحدا في العلو والاستكبار، والظلم والقهر والاستبداد، وتذليل الخلق والاستعباد، وتفريق الخلق إلى الطوائف واستضعاف طائفة منها، ولم تختلف إلا الوسائل والأساليب، التي تتغير وتتبدل مع تغير الزمان.
وماذا كان مصير هؤلاء الطغاة؟ وكيف كانت نهايتهم؟، فارجعوا إلى القرآن وانظروا إلى آياته:﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرّ مَآبٍ﴾، ﴿فَأَخَذَه اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى﴾، ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾، ﴿أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَاهُم مُّبْلِسُونَ﴾، ظنوا أنهم بمنجاة من الله، حتى فاجأهم العذاب وحل بهم العقاب، وأذلهم الله بعد أن كانوا في أوج العز والقوة، فصاروا بعد الوجود أثرا، وأصبحوا للتاريخ قصصا وعبرا، واستخلف الله المستضعفين وأورثهم الأرض، وهذه هي سنة الله في الظالمين والمتكبرين، وما جرى لطواغيت الأمس من عذاب، وحلول النقم والعقاب، وسلب القوة والسلطة، سيجري مثله لطواغيت اليوم وجبابرته.
فرسالتنا إلى الأمة المسلمة في الهند ألا يحملنهم استبطاء النصر على اليأس من رحمة الله، وأن يثقوا بربهم، فوعد الله حق ونصره قريب، وأن يكون حالهم في كل المصائب والأزمات بين الصبر والمقاومة.