ما زال الإسلام ولا يزال نقطة انتباه واهتمام في جميع المجالات الحياتية، وقد تصاعد نموه في فوضى مواقع التواصل الاجتماعية ضمن بيئة تضج بالكراهية والعنف وتنفث بالانتقادات الفاسدة إلى حد بعيد، وهذه الانتقادات صادرة من أفكار نمطية هيمنت على العقل الاجتماعي بدوافع كثيرة وأهداف بعض الطامعين المتعمدة للفتك بالإسلام والمسلمين، ومن المؤثر قلقا أن هذه الجهود قد نجحت في رسم خارطة ذهنية في ذهن المجتمع حتى غدت تؤثر في قرارات الدول العالمية وترسيخ جذور الخوف من الإسلام ومن كل ما يتعلق بالمسلمين
نشأت ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب نتيجة لضغينة ترسخت في جذور التاريخ الغربي بدءا من الحروب الصليبية وهكذا تلقى الجيل بعد الجيل تلقينات تنافي حقائق الدين الإسلامي تلقفها من المبادرات الاستشراقية ومحض ادعاءات باطلة دارت في أجواء الثقافة الغربية.
ولما جاءت موضة مواقع التواصل الاجتماعية وجدوها منصة لبث هذه الثقافة واستغلال كل قيل وقال للإساءة بالإسلام والمسلمين، وقد نجح المسلمون في الغرب لسد هذا الخوف ولو في بعض الآونة وقاموا بإطلاق حملات مؤيدة للإسلام وتلقت بعض هذه الحملات قبولا رائجا في مواقع التواصل الاجتماعية، وحالة نشوء الإسلاموفوبيا في الهند تفارق عن الأنموذج الغربي بقليل لأن فوبيا المسلمين في الهند نتيجة لأجندات الفاشية وبعض الحقائق التاريخية الناصعة يفتخر بها المسلمون، وقد كان الإسلام ملجأ وملاذا للطبقات السفلى الهندوسية من سطوة الأرستقراطية وسلطة البراهمانيين حتى اعتنق الإسلام كثير من هذه الطبقات المضطهدة، وقد أثار حفيظة الطبقات العليا هذا التحول المفاجئ وسقطوا في أجندات الفاشية لبث الرعب والخوف عن الإسلام والمسلمين، وإضافة إلى هذا قامت بعض الفئات المارقة عن الإسلام والمليشيات الإلحادية بنشر جهلها في مواقع التواصل الاجتماعية، وكأنه لم يخل العالم الشرقي من فوبيا الإسلام في أي وقت من الأوقات على ساحة مواقع التواصل الاجتماعية، واستمرت مكينة هذه المكائد والعنف بلا توقف بالنسبة إلى العالم الغربي، وكان قد نجح في الرد عليه بعض الحملات المؤيدة للإسلام ولو قليلا على حين بقيت أصوات الدعاة المسلمين غير مسموعة ولم يلق رواجا كاملا في الأوساط الاجتماعية في العالم الشرقي. ويبدو واضحا من مواقف المليشيات الإلحادية أنها مسالمة مع أجندات الغلاة الهندوسيين بل هذه سمة أصيلة تركزت في خلاياها فأنى تمكن من أي قضية تبدو مضادة للمسلمين يتمتعون بها بعقلانية باهرة ولا تسمع آذانهم ولو مصادفة أخبار اضطهاد المسلمين وأجندات الحكومة المركزية ضد الأقليات، وترفع عقيرتها بوحشية وصرامة على الإسلام الإرهابي الذي يتصورونه في أذهانهم، ومن المؤسف أن هذه المليشيات التي يتزعمها ”آ.ر..س.س” تسعى في خدمة أطماع الطبقات العليا البراهمانية كما سيتجلى لكل من يتتبع تاريخ هذه الحركات الهدامة ونسخها القديمة التي طالما انبطحت تحت أقدام قيادات آر أس أس، وكانت هذه الهيمنة البراهمانية مستمرة في سيادة هذه الحركات حتى أبعدت كل جهد عادل لتوضيح القضايا بعقلية محايدة ، وتتجلى واضحا هذه الحقيقة حينما تأبى أن تسمي الفئات الخارجة من الإسلام كملحدين بل يبقون كمخالفي الإسلام ولا يمكنهم أن يترقى إلى هذه الدرجة البراهمانية المقدسة. ولا يعجب أحد له معرفة بهذه الظاهرة في أن الإسلام هو الدين السائد من بين الأديان الأخرى يناقش على طاولة الميديا الجديد ‘كلوب هاوس’، والتي تروجت في الآونة الأخيرة في الأوساط الاجتماعية بسرعة فائقة خلف صدورها من جديد على موقع ‘بلاي ستور’ وتمكن من استخدامها مستخدمو هواتف أندرويد لاعتمادها بشكل أساسي على الدردشات الصوتية ، وقد تداول هذا التطبيق في العالم العربي والإسلامي وفي ولاية كيرالا أيضا مثيرا لنقاشات حارة وحوارات متعددة في مختلف المواضيع، وكما هو العادة تمركزت تلك المليشيات الإلحادية لشن الغارات على الإسلام والمسلمين والقيم الأخلاقية والدينية، ولكن فشلت تلك الجهود إلى حد كبير بجهود أبناء الإسلام ودعاته المخلصين حتى وحدهم هذا الميديا الجديد عن كل الانتماءات الحزبية حتى ظهر جليا لدى المجتمع جهل هؤلاء المارقين في القضايا الدينية والعلمية معا، ولم يأل جهدا أبناؤنا في رشق النبال تجاه كل نبل مسموم والدفاع عن الإسلام قلبا وقالب.
يعرف كل من يرصد مواقع التواصل الاجتماعية أنه تكمن خلف هذه الكواليس أيدي تستميت في صناعة الخوف من الإسلام وعيون راصدة تتلقى الأمر والنهي من الشركات العالمية المعادية للإسلام لزعزعة ثقة الأمة والتغلغل في أعماقها. كما رأينا في القضية الفلسطينية الماضية، وهناك هيمنة فكرية تحكم مستخدمي هذه المواقع من عنجهية ونرجسية وإحساس فوقية على الآخرين متجذرة في العقلية الجماعية حتى ولو لم يفهمه هذا الفرد المستخدم لأن نسبة اختيار الفرد قليل في هذه المواقع بالنسبة لهذه العقلية الجماعية الحاكمة، فإن كل فرد يتأثر بما تنتج هذه العقلية ويتحسس إذا خالفها أنه غير اجتماعي.
ويجب أن يراعى بأنه تمكن من خلال هذه المواقع إحداث هوة واسعة بين أصحاب الديانات المختلفة وتأليف حلف ائتلافي اجتمع فيه أعداء الإسلام قاطبة بالرغم من انتماءاتهم العقدية المختلفة وأيديولجياتهم المتضاربة فتكونت منه حرب افتراضية على الإسلام، ويجب التنبه لهذه الحقيقة لنشر ثقافة إنسانية قائمة على التسامح والعدل والرحمة، وعلينا أن نبذل وسعنا في بث حوارات تلم الشتات وتجمع المتفرق بين الفئات والأديان والمذاهب المختلفة وأن لا نقع في شرك المتربصين لإحداث الفوضى واستغلاله لأغراضهم المسمومة.